Telegraaf-Mensheid-pers1333

من اليأس ما قتل

بكل أسف .. لا صداقة ولا أصدقاء

     قال أحدهم : الحياة بلا صداقة ولا أصدقاء كالنوم على الرصيف أو في الشارع

   وقال الآخر : الأصدقاء هم النور وهم الرصيد الذي يضعه المرء في بنك الحياة ليواجه بهم الأيام السوداء .
قيل لي إنك تلمح وتقصد أشياء تخصك .. فهل وجدت راحة فيما كتبت سابقا ؟

قلت : كلا

قالوا : غريب

قلت : ما الغربة في ذلك ؟

قلت : توهمناك وجدت ضالتك

قلت ليس في الأمر عجب ولا غرابة .. كل ما هناك أنني أكتب .. ومن خلال كتاباتي أجد الراحة فمنذ القديم قالوا : قل كلمتك وكفى .

  من وجهتي سأقول كلمتي ولو تؤلمكم :
   بكل أسف ورغم ما تحمله كلمة الأسف من دلالات ومعان .. ورغما عن قوتي وإرادتي اكتشفت وثبت لي الثبوت القاطع بأن الصداقة والمحبة في وقتنا الحاضر تسير نحو الاندثار وتنتحر على مذابح المصالح .
أمام هذا الوضع يحتار العقل وتضيع الأفكار وتختلط الأمور لأن هناك أناسا يغتالون بكل قواهم المحبة ويستهلكون الأخوة على مدارج الأنانية ويقتلون في كل ثانية النبل الحميدة والمشاعر الإنسانية

  أصعب الأوقات تلك التي يحس فيها المرء أنه يتعرض إلى لحظة ضياع نتيجة صلف أو كبرياء أو غرور مسلط وأن الناس أصبحوا تجارا في المصالح يبحثون عن الربح السريع على حساب الصداقة والأخوة والمحبة .
عندما يتحدث الإنسان بصراحة ويتحاشى الكذب ينعث بأنه ثقيل الفهم ضحل العطاء .. وغالبا ما يتحدث الإنسان بالكذب فيسمح له الجميع .. ولكن سرعان التزامه بالصواب والبعد عن النفاق والشقاق بغية فرض شخصيته ومبادئه ومواقفه والإعلان عن الصدق شعارا تفسر كلماته على غير ما يقصد بتاثا فتغضب منه الوجوه ويهاجمه هذا ويثور عليه آخر فيحتار فيمن سيرضي وفيمن سيواجه .. وعندما يحتار يلتزم الحياد ويلوذ الصمت ويظل سامعا دون أن يناقش أكثر من أن يرد بالإيجاب والتنويه مهما كان الخطأ والصواب

..لكنه حتى في هذه الحالة يزيد الطين بلة ولا تنفعه حكمة السكوت من ذهب بل يظنون به الظنون ويتهمونه بأن وراء صمته داهية وخلف سكوته مصيبة .
    وتزيد الحيرة بالإنسان فيقرر أن يأخذ الكلمة في كل المواقف وأن يتحدث بدون توقف وأن يمتلك الجلسات بالقيل والقال والضرب في المحال وأن يتحدث في كل شيء ويحشر نفسه في الميدان الذي يعرفه والميدان الذي لا دراية له به ..

    وما أن ينتهي من حديثه حتى يلاحظ أن العيون تتغامز عليه والجفون تتحرك تآمرا عليه .. وينعث بسرعة أنه مجرد رجل ثرثار لا فائدة من كلامه ولا يمكن الاعتماد على ما يقول فيحتار في أمره ويتراجع من أوله وتزداد حيرته

 

           عبد الرحيم الفقير الادريسي

……………………………………………………….

المفاجع القاسية  

أهلا بك يادنيا الأحلام في عمري وبأيامك الحلوة الآتية ..

أهلا بك في ليلة من ليالي الأصيل وقد غزت السعادة مقلتاي الباكية

أنا لك خل ولو ضربت المآسي قلبي زمنا وأنت عني لاهية

أنا لك قرين فاصرفي عني الصدمات التي لبستني دهرا معادية

تبا لها من نجوم نحس طالعتني ساعة ما هممت بالمعالي السامية

فكأنما هجوت نواعس الأحداق أو هتكت البراقع المستورة المحظية

كانما خرقت السفينة أو هدمت ما بناه الشعراء في بروج عالية

تشفى عذولي من بغضه وكذا الرقيب أمطرني بأقوال ملؤها السخرية

حسبت نفسي في واد مهجور قطنته الغربان وجميع الوحوش الضارية

ذاك زمان خلت فيه نفسي غريبا وأن القوم لم تخلق فيهم روح البشرية

ذاك عمر قضاه زماني علي … فيا ويلتاه من تلك المفاجع القاسية

أخيرا أيقنت أن لا مكانة لي بين قوم قلوبهم سوداء بالحقد معمية

فأهلا بك يادنيا الأحلام في عمري وبأيامك الحلوة الآتية

رأيتك تحملين لي البشائر كل لحظة تسبقها الوسامات الذهبية

لمستك تنثرين الورود في طريق التي زرعها حاسدي بأشواك قاضية

وجعلت من عدوي بالأمس صديقا يهفو إلي بأحسن ترقية

فذاك المراد وذاك الإلهام إذا ما المنية هوت عيشة راضية

شعر عبد الرحيم الفقير الادريسي

 

 …………………………………….

من اليأس ما قتل

 

إلى أحبتي وأعزائي ..

إلى أغلى الناس على قلبي ..

إلى الذين أحبوني ..

إلى الذين عرفوني تمام المعرفة ..

إلى كل هؤلاء وتلك أقول :

لا تظنوا بي السوء .. ولا تقولوا أني فاقد الوعي ..

لا أقسم أنني في كامل قواي العقلية وفي أوج صحتي ..

كل ما هنالك أنني أعاني اليأس والإحباط وأنني أسألكم وأترك الجواب لكم :

هل في يوم من الأيام لاقيتم الجحود والنكران من أنفسكم وضد أنفسكم ؟

هل الحبيب يتخلى عن حبيبه ويطعنه من الخلف ؟

أيها الأحبة يامن عرفتموني واسع الصدر طيب القلب كما تقولون ..

هل دخل الريب قلوبكم يوما بأن الأخ يمكن أن ينكر أخاه في أحلك الظروف وهو العالم بها ؟

إليكم أقول الآن :

   لقد ضاق صدري الذي عرفتموه واسعا ولم يعد يتسع للأكاذيب والزيف والبهتان والنفاق المحيط بي .. والقلب ذو المشاعر والإحساس المرهف يتأثر دائما بكل شيء .

فبكل أسف ورغم ما تحمله كلمة الأسف من معاني ودلالات ورغما عن نفسي وإرادتي أقول لكم اليوم فقط وفي عصرنا هذا بالذات أن لا أخوة ولا صداقة إلا رهتنها المصالح وطغت عليها المادة .

زمننا هذا زمن اغتصاب المحبة وأقولها وبكل صراحة زمن المادة والمتاجرة في الصداقة والأخوة ..

زمن النسيان والطغيان والطمع والجشع ..

وحيال هذا وذاك ومع الأسف أشعر أنني أنهار ..

أسقط ولا من معين ..

لا من مواس يواسيني في معنتي

أشعر بالفشل والإحباط .. أشعر أنني لم أعد قادرا على السيطرة على نفسي

لم أعد قادرا على مواجهة الآخرين . .

أشعر أن الناس لا يعطون قيمة للرجل النزيه

أقول لكم : لقد قتلوا في نفسي أجمل الأشياء

قتلوا أجمل المعاني وأحلى الكلمات ..

خاب ظني وأملي

قتلوا الأمل الذي كنت أحلم به وأعيش لأجله ..

قتلوا الغذ المشرق الذي كان ينير دربي

دمروا حياتيجعلوها بركانا ثائرا على نفسي وعليهم

من الصعب على الإنسان أن يشعر بموته وهو حي ..

كل شيء في هذا العالم له قيمة إلا التعامل الطيب ..

ومع الأسف هذا هو عالمنا المتخلف .. المريض .. بلا قيمة .. بلا ثمن ..

الشرف والكرامة والأخلاق والمحبة والحب كلها شعارات زائفة عندهم ..

عالم يسكنه حب الذات وتسيطر عليه الأنانية والمادة ..

عالم ينتهز فيه من له قوة المال والجاه ضعف الضعيف ..

عالم مهزوز .. حقير .. أحمق .. أناني وهزيل اسود ..

ما أكثر أناسه من يوزعون الحقد والكراهية المجانية بدون سابق سبب أو غيره معلنين عداءهم لأي إنسان له صفات حميدة .يكرهون الشخص إذا كان يتسلق دروب العمل بإخلاصه وتفانيه ..يفرحون عندما يجدونه محطم البال والفكر .. فارغ الجيوب .. تابعا لهم يستجديهم لعلهم يتصدقون عليه ويعطفون على حاله ..

كم تضيق الأرض بهم إذا كان الإنسان منزها عن أعمالهم لا يمد يده لهم ولا يصاغر خده لهم .. ولا يعمل جاسوسا لهم ..

إنهم الوباء الخطير في هذا المجتمع ينشرون سمومهم التي لابد من أن يأتي اليوم الذي يتجرعونها وحدهم

 

عبد الرحيم الفقير الادريسي

 

عن editor

شاهد أيضاً

 ندوة صحفية قبل انطلاق الدورة 12 للمهرجان الوطني لفنون أحواش بورزازات

كل المواضيع محفوظة دوليا .. قانونيا ولا يمكن استنساخها إلا بأمر مكتوب والمخالفة تحتم المتابعة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Telegraaf-Mensheid-pers1333