Telegraaf-Mensheid-pers1333
الرئيسية / AMSTERDAM Pers / المعايشة الحقيقية  للعملية الجراحية

المعايشة الحقيقية  للعملية الجراحية

المعايشة الحقيقية  للعملية الجراحية

كتب عبد الرحيم الفقير الادريسي

   ترحل الذاكرة صوب ساعة الألم ، وذاك المكان الذي وصفوه بمهبط الرحمة ومنبع الحنان.. إنه المستشفى.

  مع طلوع شمس دافئة ترسل خيوطها كالوهج لتضيىء الأفئدة وتملأ ينابيع المحبة، تطلع كل صباح صرخة .. وتولد بسمة تعانق أبواب الأمل والانعماس في لذة الفرح..

      كل صباح يطوقون المرضى بوسام الأمل، والبسمة تعلو المحيا..

   يأتون إلى عتبات الأبواب لينشروا كلمة.. لينزرعوا بسمة إزاء الساكن في مآقيهم.، وليطردوا شبح العتمة التي خيمت طوال ليلة قضاها بعضهم أنينا وآخر طريحا.

  المعايشة الحقيقية بذون شك قد تختلف إطلاقا عن من لم يعايش الحالة ولم يشهد ولم يعاين طلعة الطبيب التي تفاجئ المرضى بين الساعة والأخرى..

    يسارع الطبيب بممرضاته بنظراته المشوبة بالحذر والتي لم تعد تخيف المرضى..

    لقد تعودوا ظهوره هو أيضا بين الفينة والأخرى ليعيد عليهم ما هم يتألمون منه..

  وفي هينهة ..تلمس أن الطبيب قد انهمك في مهمته بعد أن أزال الكمامة عن فمه وأنفه وتمنطق بسماعته .. اليد أولا .. والصدر والأسئلة المليئة بالتفاؤل.

  في الأول كان الأمر صعبا على المريض لكن الأمر يبدأ في التغيير شيئا فشيئا إلى أن يصبح روتينيا .. عاديا وأكثر .

العملية الجراحية

  تقوم العملية الجراحية وتجرى اللمسات الأولى بعد طقطقة المباضع الحادة والهمهمات المكتومة ..فتتساقط أيادي كأنها الرحمة مبلولة بالعرق البارد .. تتحرك في اتجاه واحد أكثر حذرا .. وقبل أن يضع الطبيب على فمه الكمامة يلقي ابتسامة ليرسمها المريض في مخيلته قبل دخوله في عالم الغيب.. ويتواصل صوت الطبيب ليزرع كلمة وراء كلمة .. ويبدل حديثا بآخر والمريض يعلم أنه يبغي وراء كلماته هاته معرفة قوة التخدير = البنج = كلما تغير الانتباه ابتسم الطبيب ..وما يفتأ أن يكون المريض في العالم الآخر والطبيب يجري عمليته في اطمئنان.

   ينفض يده .. ينزع كمامته ويغلق فتحة الجرح ويعطي قراره بنجاح العملية .

  في الوهلة الأةلى من اليقظة يشعر المريض أن الأطباء كثيرون والمرضى أكثر والمستشفى مليئ .. فيتساءل ياترى أين هم الأصحاء؟

  بعد برهة تتراكم عليه الممرضات من كل جانب كل واحدة تحدوها الرغبة في إتمام مهمتها..

   اهتمام كبير .. وحشد هائل ..وتتوالى الأسئلة : هل أنا مهم إلى هذا الحد ؟.

   بدون شك أن الأمر خطير ..

  وهل أنا مريض إلى هذه الدرجة ؟

  يحاول صنع ابتسامة غير أنها تذوب بسرعة وسط ابتسامات لممرضات كثيرات يتمنى بقاءهن قربه.

الخروج من المشفى

  إحباطات شديدة تنهال على المريض إذا كان يعيش وحده وخاصة بعد خروجه من المستشفى يعرف ساعتها قيمة وجود شخص بجواره فلا ممرضات ولا مرضى يناقشونه ويبتسمون له..

   يحس بمرارة الوحدة والعزاة القاتلة ..لقد اعتاد ان يخدم نفسه لكنه الان هو في حاجة الى من يمد له العون والمساعدة ..

    ثقوا بي أن ضعف الانسان الذي يعيش وحده يتفاحل إبان مرضه..

 صدق من قال أن المستشفى هو بيت الحكمة ومنزل العافية وبلسم الاسقام .

   المستشفى قاتل الاوجاع والعلل وبات  الرجاء والامل بعد فقدانهما.

   في كل صباح يشعر المرضى بيوم جديد يردفون الخطى بأرجل ثقيلة نحو  الحديقة لتتقوى أجسامهم لمغالبة الأمراض ولتسري العافية في أبدانهم.

   ينتشرون يتمايلون ويتساءلون وبعدها  يعودون لقواعدهم وعلى الأسرة يتمددون ..فيهم المحموم، والمكلوم، والمفؤود، وذي علة مزمنة، وغير مزمنة .. ثم تراهم يمشون يتهادون يحذوهم الامل الكبير في الخروج من بين هذه الجدران البيضاء وهم أصحاء.

  هو المشفى الذي لا يمل من تأمين مرضاه مهما اختلفت أوجاعهم، يتلقاهم بالبشاشة ويكرم وفادتهم وحسن ضيافتهم ..

    يفسح لهم باب الامل في الحياة ..ويضمد جراحهم، ويخفف لوعتهم، ويبدل اليأس لديهم رجاءا، والوحشة أنسا، بل يزيل معاناتهم وألامهم .. وكم من مريض أرجعه من بين ثنايا المنية ليشعل مصباحه بزيت العافية .

   في المشفى أشخاص حذقوا مهنة الطب، وتمرسوا على وضع الشفاء موضع العلة والداء ..يحابون الامراض والتعفنات والجراثيم لا يبالون بالعدوى بمساندة ممرضات كانهن الرحمة تمشي فوق الأرض .

عن editor

شاهد أيضاً

فنون أحواش بإيقاعات العالم بمدينة ورزازات

 خاص : مراسلنا : عبد الرحيم الفقير الادريسي    من تنظيم وزارة الشباب والثقافة والتواصل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Telegraaf-Mensheid-pers1333