







كلمة جلالة الملكخلال مأدبة العشاء التي أقامه على شرف جلالته الرئيس الهندي
نيودلهي: الثلاثاء 27 فبراير 2001
“الحمد لله وحده والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه
فخامة الرئيس أصحاب المعالي حضرات السيدات والسادة
نود في البداية أن نعبر عن مدى سعادتنا بهذه الزيارة الرسمية الأولى التي نقوم بها إلى بلدكم العظيم الذي نكن لقادته وشعبه كامل التقدير. إننا لمعجبون جدا بحضارتكم وثقافتكم الضاربة جذورهما في أعماق التاريخ بما تحملانه من أبعاد إنسانية وروحية وثقافية وكذا بالعبقرية التي مكنت الهند من تبوء مكانة متميزة بين الديمقراطيات الحديثة.
و نود كذلك أن نعرب لكم فخامة الرئيس عن تشكراتنا لحفاوة الاستقبال وللعبارات النبيلة التي تفضلتم بها في حق شخصنا وبلدنا.
فخامة الرئيس
إن عمق العلاقات المغربية الهندية التي يعود تاريخها إلى القرن الرابع عشر يمثل مكسبا هاما كفيلا بنسخ أواصر وثيقة ومتميزة بين البلدين تستند على أسس متينة تطبعها روح التفاهم والاحترام المتبادلين وتحمل في طياتها عناصر الاستمرارية والنجاح. إن هذه العلاقات الجيدة تجسدها رؤيتنا المشتركة وتطابق وجهات نظرنا إزاء العديد من القضايا الجهوية والدولية كما يجسدها إيماننا المشترك بقيم العدالة والشرعية الدولية وأمن ورفاهية الشعوب.وتحضرنا في هذه اللحظة ذكرى الراحل المها تما غاندي ذلكم الزعيم العظيم الذي يحق للهند أن تفخر برسالته الداعية إلى السلم والتسامح والأخوة.
وقد ظلت هذه القيم حاضرة في ذهن كل من الراحل جواهر لال نيهرو وجدي المغفور له محمد الخامس اللذين سخرا جهودهما لخدمة حركة دول عدم الانحياز وإشعاعها بما يدعم الحركات الوطنية التحريرية. وقد مهد ذلك الطريق لإقامة تعاون بين بلدان الجنوب والدفاع عن المصالح العليا للدول النامية.
لقد كان لزيارة فخامتكم لبلادنا سنة 1993 بصفتكم آنذاك نائبا للرئيس بالغ الأثر لدى والدنا المغفور له الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه مشكلة بذلك خطوة هامة في درب تعزيز علاقتنا الثنائية التي ما فتئت تتطور يوما عن يوم ومفضية في الوقت نفسه إلى ترسيخ مزيد من التضامن والدعم المتبادلين بين شعبينا. كما أن زيارتكم تلك سمحت لنا باللقاء بكم والتباحث معكم حول العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك. إن هذه الروابط التاريخية والإرادة السياسية التي تحدونا مكنتنا من قطع أشواط هامة في علاقتنا.
وفي هذا الصدد نسجل بارتياح جو الثقة والتفاهم الذي عكسته بوضوح الزيارة التي قام بها معالي الوزير الهندي السيد اتال بيهارى فاجبايى للمغرب وتلك التي قام بها وزيرنا السيد عبد الرحمان اليوسفي للهند. كما ننوه بالمشاريع المشتركة المهمة التي تحققت في القطاع الصناعي وكذا تلك التي ستنجز في المستقبل القريب في المجال السياحي. وعلاوة على ذلك لا يسعنا إلا أن نثني على الجهود المبذولة لتفعيل التعاون في المجالات الاقتصادية والثقافية والتكنولوجية من أجل استغلال الإمكانات الهائلة التي يزخر بها البلدان. ولتحقيق هذا الهدف ندعو كافة الفاعلين المعنيين لبلورة تصور جديد يتماشى والتحولات العميقة التي يشهدها الاقتصاد العالمي.
فخامة الرئيس
في الوقت الذي يشهد فيه عالمنا اليوم تطورا متسارعا نتيجة الثورة الإعلامية وتطور التكنولوجية الحديثة نلاحظ مع الأسف أن اقتصاديات معظم الدول النامية ما زالت هشة.و بالنظر إلى التباين الحاصل بين الشمال والجنوب يحودنا الأمل في أن تعمل المجموعة الدولية من خلال مؤسساتها النقدية والمالية والتجارية على خلق مناخ ملائم يفضي إلى توزيع أفضل للثروات العالمية.و في السياق ذاته فإن الوضعية الدولية الراهنة تستدعي تعديل ميثاق منظمة الأمم المتحدة وإعادة هيكلة مجلس الأمن بما يتماشى والوضع الجيوسياسي الجديد للعالم مع الأخذ بعين الاعتبار وضعية ومصالح البلدان النامية.فهذه الإصلاحات من شأنها أن تؤدي حتماإلى تعزيز دور الأمم المتحدة في الحفظ على الأمن والسلم في العالم ودمقرطة العلاقات الدولية وتدعيم كافة المبادئ النبيلة التي أنشئت من أجلها هذه المنظمة. وإننا لعلى يقين أن الهند ستضطلع بدور بارز في هذا المسلسل.
فخامة الرئيس
لقد تشبث المغرب على الدوام بمبدأالحوار والتسامح والتعايش السلمي و ما فتئ يدعو إلى التقارب بين الشعوب فضلا عن نبذه لكل أشكال العنف وإدانته للإرهاب والتطرف.وفي هذا الإطار لا يفوتنا أن نشيد بحكومتي بلدينا لتشبثهما بهذه القيم الداعية إلى الحوار والتواصل. كما نسجل بارتياح عميق اعتماد بلدينا احترام الشرعية الدولية كمبدأ أساسي لسياستهما الخارجية.
فخامة الرئيس
بحكم المكانة التي يتمتع بها المغرب في إفريقيا وعلاقاته المتميزة مع الدول الإفريقية فإننا نولي اهتماما بالغا للقضايا الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية التي تعاني منها البلدان الإفريقية. وقد دعا المغرب باستمرار في إطار التضامن الإفريقي المجتمع الدولي إلى الالتزام بدعم القارة الإفريقية في سعيها نحو تحقيق تمكنها من استعادة دورها الحضاري وتساهم في استتباب السلم والاستقرار العالميين
فخامة الرئيس
إن الوضع في منطقة الشرق الأوسط شكل دوما أحد أبرز انشغالاتنا. وقد دعا المغرب اعتبارا لدوره في مسلسل السلام بالشرق الأوسط إسرائيل إلى احترام التزامها تجاه الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. كما أن المملكة تدعو إلى انسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة وفقا للقرارات الدولية.
إن الوضع الإنساني الذي يعيشه الشعب العراقي ليحثنا على العمل من إزالة كل العراقيل التي تحول دون رفع الحظر الاقتصادي عن العراق. كما إننا حريصون على الحفاظ على سيادة العراق و وحدته الترابية.ونود في الختام أن نجدد الإعراب لفخامتكم ولحكومتكم وللشعب الهندي عن تشكراتنا وامتناننا على ما أحطتمونا به من حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة.
حضرات السيدات والسادة…
أدعوكم إلى الوقوف احتراما لفخامة الرئيس كوشريل رامان نار ايانان وتعبيرا عن متمنياتنا بدوام الصحة والعافية وللشعب الهندي بمزيد من التقدم والرفاهية. وإننا لنرجو من الله العلي القدير أن تظل العلاقات بين جمهورية الهند والمملكة المغربية وطيدة وناجحة.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
****************
النص الكامل لكلمة صاحب الجلالة الملك محمد السادسفي القمة العربية بعمان
عمان : الثلاثاء 27 مارس 2001
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه
إخواني أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، أصحاب المعالي والسعادة
إنه لمن دواعي سروري أن تنعقد القمة العربية في رحاب المملكة الأردنية الهاشمية اليقيقة، معربا عن أملي في أن يكون هذا اللقاء العربي منطلقا لعهد جديد في تعزيز عملنا العربي ومسيرتنا المشتركة.وأود، بهذه المناسبة، أن أتقدم بالتهنئة الخالصة الى أخي العزيز جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين رئيس القمة، الذي وفر لهذا الجمع المبارك والأخوي مايمكنه من تحقيق غاياته الخيرة ومقاصده النبيلة.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،
ان انعقاد القمم العربية بشكل دوري ومنتظم يجب ألا يكون غاية في حد ذاته، وإنما هو جسر يفضي الى تفعيل آليات العمل العربي المشترك، وتسخيرها للقضاء على أجواء التوتر أينما وجدت في الفضاء العربي، كما يحب أن تشكل لقاءاتنا هذه قوة دافعة للنهوض بالانسان العربي من خلال معالجة قضايا التنمية الشاملة بمختلف أبعادها، والتفكير بشكل جماعي لإيجاد الوسائل العملية الكفيلة بجعل أمتنا تسير في ركب العالم المتقدم، الذي يسير بخطى سريعة وفق منطق لا يأبه بالضعيف معترفا فقط بالقوة الاقتصادية والثقافية والعلمية المدعومة بسلاح التكنولوجيا الحديثة.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،
تنعقد هذه القمة في ظروف بالغة الأهمية، مما يستوجب التجرد والسمو عن الأمور الظرفية بكل مسؤولية وحكمة وتعقل والتفكير –وذلك وفق منظور يستوعب الخيارات الأوسع- في مستقبل أمتنا، فضلا عن خلق مناخ عربي جديد نحن في أمس الحاجة إليه لرفع كل التحديات مما يتطلب بذل قصارى الجهود وتوظيف كل الطاقات للوصول الى رؤية موحدة بما يضمن للإرادة العربية الفاعليى اللازمة لحماية الحقوق القومية وتحقيق آمال وتطلعات شعوبنا، ولعل في تجربة السنوات الماضية ما يكفي لندرك جميعا أهمية تماسكنا ووحدة كلمتنا. وستظل المملكة المغربية من هذا المنطلق عاقدة العزم ملتزمة بالمساهمة في كل عمل يهدف الى لم الشمل وتوحيد الصفوف بما يخدم المصلحة المشتركة لأمتنا ويحقق أمنها واستقرارها ومناعتها.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،
إننا لندرك جميعا خطورة الوضع في الأراضي الفلسطينية وما آلت إليه عملية السلام، ذلكم الوضع الذي يجب أن يبقى في مقدمة انشغالاتنا وضمن أولوياتنا ويحتم علينا أن نكون في مستوى المسؤولية والأمانة. فالأحداث والتطورات الخطيرة التي تعيشها الأراضي الفلسطينية نتيجة للسياسات الإسرائيلية الممنهجة تجاه الشعب الفلسطيني وتحديها لقرارات الشرعية الدولية وتجاهلها لكل نداءات السلام لتقتضي اتخاد الخطواتع والخيارات العملية وتوفير الإمكانات اللازمة لدعم صمود الشعب الفلسطيني وسلطته الوطنية حتى يتمكن من انتزاع حقوقه المشروعة وإقامةدولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.وبالرغم من خيبة الأمل الناجمة عن عدم توصل المفاوضات إلى تحقيق تقدم حقيقي في مسار السلام يتوج بإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشريف، فإن إيماني قوي بأن خيار السلام هو الذي سينتصر في نهاية المطاف، فذلك هو منطق التاريخ.ومن منطلق المسؤولية الملقاة على عاتقي كرئيس للجنة القدس، فإنني لن أدخر أي جهد من أجل تحقيق السلام العادل والدائم والشامل في المنطقة بما يمكن من استرجاع جميع الأراضي العربية المحتلة والحفاظ على الهوية العربية والاسلامية للقدس الشريف.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،
إن النهوض باقتصاديات الدول العربية وتحسين ظروف عيش شعوبها مرتبط بضرورة إدراكنا للمتغيرات والتحولات التي يشهدها العالم في مجال التقدم العلمي والتكنولوجي المتسارع حيث يتزايد الاهتمام بدور التكنولوجيا الديثة في شتى مناحي الحياة وخاصة في مجالات التنمية الاقتصادية.
ان هذه التحولات تكرس مسلسل عولمة الانتاج والتبادل والتمويل متجاوزة الحدود المرسومة للاقتصاديات الوطنية. وقد أصبح جليا أن عهد أنظمة العزلة الاقتصادية وفلسفة الاكتفاء الذاتي قد ولى لتحل محله طموحات الانفتاح والتبادل وعيا من الدول بأن التنمية الاقتصادية أصبحت تتحكم فيها عوامل التنافسية وترجيح كفة تبادل المنافع والاستباق إلى الإبداع والجودة والتفوق. وهذا مايحتم علينا أن نعقد العزم الصادق ونبذل المزيد من الجهود لجعل التعاون بيننا في مجالات الاقتصاد والتجارة واقعا حقيقيا من خلال نهج أساليب عقلانية. ولن يتأتى بدون ذلك تحقيق أي تكامل اقتصادي عربي مهما كان نوعه.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،
إن المغرب الذي لم يأل جهدا في تسخير كل طاقاته من أجل دعم الصف العربي وانتهاج الحوار العقلاني البناء والتضامن مع أشقائه في كل القضايا المصيرية والجنوح إلى السلم والاستقرار والتنمية الانسانية الشاملة ليسعده مرة أخرى أن يجدد الالتزام والسير في منحاه. وإنني لأدعو الله العلي القدير أن يبارك أعمال هذه القمة سائلا إياه تعالى أن يجعلنا جميعا ممن يعمل صالحا ويعزز القول بالعمل لما فيه خير أمتنا العربية، كما أسأله تعالى أن يوفقنا إلى ما فيه رضاه ويلهمنا سبيل الرشاد. إنه نعم المولى ونعم النصير.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
************
جلالة الملك يوجه كلمة سامية إلى التجريدة المغربية التى ستتوجه إلى الكونغو الديموقراطية
اكادير : السبت 13 أبريل 2001
“الحمد لله وحده والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه..
أيها الضباط وضباط الصف وجنود التجريدة المغربية المتوجهة إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية الصديقة.
شرفني صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية وبأمر من جلالته بأن أنوب عنه في إلقاء الكلمة الملكية السامية التالية..معشر الضباط وضباط الصف وجنود التجريدة المغربية المتوجهة إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية الشقيقة.
يطيب لنا أن نعبر لكم عما يخالجنا من اعتزاز ونحن نتوجه إليكم بخطابنا هدا قبيل سفركم إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية معربين عما يغمرنا من ابتهاج ونحن نقدم على إيفادكم إلى هذا البلد الأفريقي الشقيق تأكيدا منا للسير على النهج القويم لأسلافنا المنعمين والتشبث بسسننهم الحميدة ولما ينطوي عليه إيفاد تجريدتكم أيضا من أبعاد حضارية وتاريخية عميقة.
إنكم تدركون ولا شك هذه الأبعاد حينما تستحضرون ذكرى أول تجريدة عسكرية مغربية بعثها جدنا المغفور له محمد الخامس على الكونغو إثر حصول المغرب على الاستقلال واكتمال تنظيم القوات المسلحة الملكية فكان جلالته رحمه الله يرمي من خلال ذلك إلى مساعدة شعب الكونغو على تجاوز العقبات وتدليل الصعوبات التي واجهته غداة استقلاله تشبتا من جلالته رحمه الله بمقررات الأمم المتحدة وتجاوبا مع الأهذاف والمبادئ التي سطرها ميثاقها.
وها نحن اليوم نبعثكم بدورنا إلى هذا البلد الإفريقي الشقيق وفاء منا لتلك الأهذاف وتشبعا بفلسفة وحكمة والدنا المنعم صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه الدي سار على نفس النهج حين بعث بتجريدات متعددة إلى هذا البلد الإفريقي الصديق وكذا إلى جهات اخرى دفاعا عن الشرعية الدولية وعن السلام والحرية والوحدة الترابية والسيادة الوطنية. فسيروا على خطى وآثار هذه التجريدات تجسيدا للروابط الوطيدة التي تجمع بين المملكة المغربية وجمهورية الكونغو الديمقراطية في إطار مبادئنا الحضارية وإيماننا الراسخ بوحدة المصير الإنساني المشترك بين الشعوب.
لقد كان قراننا بإرسال هذه التجريدة المباركة نابعا من حرصنا على موقع بلادنا المتميز داخل المجتمع الدولي مستجيبين لطلب الأمم المتحدة حفاظا على تلكم المثل العليا وعلى مبادئ السلام والحرية والكرامة.
ولكي تتمكنوا من القيام بهذه المهمة على الوجه الأكمل عليكم أن تدركوا- حفظكم الله- أن الأمر يتطلب منكم تفهم الوضع والإلمام به والإحاطة بجميع جوانبه كما يتطلب منكم كشرط أساسي المشاركة بكل حياد وفي تناسق تام مع جميع الممثلين لهيأة الأمم المتحدة ومع كل الأطراف المعنية.
فاحرصوا- رعاكم الله- على أن تمثلوا المغرب أحسن تمثيل وعلى أن يكون حضوركم مشرفا لكم ولوطنكم متحلين بتقاليدنا العسكرية العريقة جاعلين من هذا الحضور خير تعبير عن مواقعنا الإنسانية النبيلة مبرهنين على قدرتكم على حسن الاندماج والتكيف مع جميع الأوضاع بما يقتضيه ذلك من انضباط ونكران للذات واحترام للآخرين متمسكين بسلوككم واخلاقكم العالية مما عهدناه فيكم على الدوام.
وكونوا خير مثال للجندي المغربي خبرة وسلوكا مع التحلي الكامل بالفضائل الدينية والخصال الحميدة التي تتصف بها دوما قواتنا المسلحة الملكية. نسأل الله عز وجل أن يوفقكم ويرعاكم حتى تؤدوا مهمتكم على الوجه الأكمل متطلعين إلى تحقيق ما خلفته مشاركات المغرب المتعددة من سمعة حميدة وذكر حسن وسدد خطاكم وأنجع مساعيكم في بلوغ ما نتوخاه لخير بلادنا وقارتنا الإفريقية جمعاء.
والسلام عليكم ورحمة الله تعإلى وبركاته
**********************
الكلمة السامية التي ألقاها جلالة الملك خلال تنصيب اللجنة الاستشارية الخاصة بمدونة الاحوال الشخصية
فاس: الجمعة 27 أبريل 2001
الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه..
حضرات السيدات والسادة..
لقد آلينا على نفسنا منذ اعتلينا عرش أسلافنا المنعمين أن نواصل النهوض بأوضاع المرأة المغربية في كل مجالات الحياة الوطنية وأن نرفع كل أشكال الحيف الذي تعانيه من منطلق صفتنا أميرا للموءمنين وحاميا لحمى الملة والدين ملتزمين بشريعة الاسلام في ما أحلت وحرمت أو أباحت وعملا بترسيخ قيم العدل والمساواة بين الرجل والمرأة مصداقا لقول جدنا المصطفى عليه الصلاة والسلام “إنما النساء شقائق الرجال في الأحكام“.واعتبارا لكون الشريعة الإسلامية قائمة على الوسطية والاعتدال وتحري مقاصد الإصلاح الاجتماعي فإننا حريصون على ضمان حقوق النساء والرجال على حد سواء غايتنا في ذلك تماسك الأسرة وتضامن أفرادها وتثبيت التقاليد المغربية الأصيلة القائمة على روح المودة والوئام والتكافل الاجتماعي الذي نحن موءتمنون على استمراره ولا سيما في نواته الاساسية المتمثلة في الاسرة.
وفي سياق هذا التوجه كان استقبالنا لممثلات عن الهيئات السياسية والمنظمات والجمعيات النسوية المغربية.
كما كان قرارنا بإنشاء لجنة خاصة يسعدنا اليوم أن نتولى تنصيبها مكلفين إياها بالنظر في الآليات والمساطر التي تضمن تطبيقا سليما لمدونة الأحوال الشخصية وكذا الانكباب على إعداد مشروع مراجعة لها.وقد راعينا في اختيار أعضاء هذه اللجنة الاستشارية أن تكون ممثلة للجانب الفقهي والقضائي العلمي. كما راعينا فيها حضور العنصر النسوي حريصين على أن يكون جميع أعضائها يتحلون بالكفاية العالية وبالموضوعية والحياد وبالخبرة في المجالات التي ينتمون إليها.
وأسندنا رئاستها للأستاذ إدريس الضحاك لما يتوافر له من موءهلات شخصية رفيعة ونزاهة فكرية وخبرة قضائية.وإننا لعلى يقين من أنكم حضرات الأعضاء ستكونون في مستوى المسوءولية التي نعهد بها إليكم لإنجازها طبقا لما أنتم ملزمون به من مراعاة مقاصد الشريعة السمحة وإنصاف المرأة وتجسيد تكريمها كما أراد لها الإسلام ذلك ووفق ما تمليه عليكم ضمائركم الحية وخبرتكم بالواقع الاجتماعي المغربي.
وبذلك سنكون قد عملنا على تحرير المرأة من كل ما يعوق مواصلة مساهمتها الفعالة في بناء المجتمع المغربي المتضامن دون تطرف أو تحجر أو تنكر لهويتنا المغربية الإسلامية الثابتة.
حضرات السيدات والسادة..
لقد تحقق بفضل النهج المتبصر والعمل الريادي لكل من جدنا ووالدنا المنعمين جلالة الملكين محمد الخامس والحسن الثاني أكرم الله مثواهما العديد من المكاسب للمرأة المغربية كان من بينها الاصلاح الذي أدخل على مدونة الأحوال الشخصية في عهد والدنا المنعم طيب الله ثراه.
غير أن عدم التحلي بفضائل السلوك الاسلامي القويم في المعاملة الأسروية الى جانب عدم التفعيل الكامل لذلك الاصلاح وتزايد وعي المرأة بحقوقها وواجباتها بفعل التقدم الذي حققه المغرب وانخراطها الفاعل في مختلف مناحي الحياة الوطنية كل ذلك يملي علينا رصد مقتضيات المدونة التي تحتاج الى تفعيل واستيعاب ما تمليه الظروف الاجتماعية المتغيرة والقضايا المستجدة وجعل كل ذلك في مقدمة ما تنشغل به اللجنة وتقترح له الاحكام المناسبة.
ولن يتأتى لنا ذلك إلا بمزاوجة خلاقة بين التشبث بثوابتنا الدينية التي تشكل جوهر هويتنا وبين الانسجام التام مع روح العصر المتسمة بالطابع الكوني لحقوق الانسان. وفي إطار الاجتهاد الذي أنتم مكلفون به وتحقيقا لمقاصد الشريعة السمحة في تحكيم المصلحة المشتركة بين أعضاء الأسرة في ظل التوازن المحكم بين الحقوق والواجبات مصداقا لقوله تعالى “ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف“.
وإننا لنحث هذه اللجنة الموقرة التي نحيطها بكامل رعايتنا أن تتحلى بأعلى درجات الوعي بمسؤوليتها الجسيمة في الحفاظ على مقاصد الشريعة الاسلامية ومحكم نصوصها وأن تلتزم الموضوعية والفهم العميق لواقعنا الاجتماعي وأن تنزل الاحكام منازلها من حيث مراعاة الضرورة والمصلحة العامة التي حكمها الشرع في كثير من القضايا والأحكام دون أن تتقيد باجتهاد سابق كان له ما يبرره في زمانه وبيئته.وفي هذا السياق فإن اللجنة مطالبة بالاصغاء الى كل الاطراف المعنية وفتح الابواب أمامها للادلاء بارائها والوقوف على مطالبها بإمعان وتبصر ورحابة صدر.
وإننا لننتظر من هذه اللجنة أن تستوعب جسامة الأمانة الملقاة عليها مستحضرة ما للاسرة المغربية من حرمات نحرص على صيانتها سالكة مسلك الاعتدال والتوافق لبلوغ ما ننشده جميعا لوطننا من حفاظ على هويته الاسلامية ومن تقدم اجتماعي وتأهيل شامل لكل طاقاته ومكوناته وتضافر جهود نسائه ورجاله في إطار من الكرامة والمساواة والانصاف من أجل رفع ما يواجهه من تحديات داخلية وخارجية.
وفقكم الله ورعاكم وسدد خطاكم لما فيه خير هذا البلد الأمين.“وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمومنون”. صدق الله العظيم.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته“.
*****************
الكلمة السامية التي ألقاها جلالة الملك خلال مأدبة عشاء رسمية أقامها جلالته على شرف الرئيس الغاني
أكادير: الثلاثاء 15 ماي 2001 “الحمد لله وحده والصلاة والسلام على مولانا رسول الله واله وصحبه
صاحب الفخامة ..
اصحاب المعالي والسعادة ..حضرات السيدات والسادة
انه لمن دواعي ابتهاجنا ان نرحب بكم فخامة السيد جون كوفور رئيس جمهورية غانا الشقيقة وضيفنا الكبير الذي نكن له كل تقدير مستحضرين بكل اعتزاز الاواصر التاريخية الراسخة التي ربطت المغرب ببلدكم الافريقي العريق والقيم النبيلة التي جمعت اسلافنا على درب تحرير قارتنا الافريقية وتوحيدها. وان الذاكرة الافريقية لتفخر بالدور الريادي الفاعل لكل من الزعيم الغاني الكبير الرئيس الراحل كوامي نكروما ولجدي ووالدي المنعمين جلالة الملكين محمد الخامس والحسن الثاني قدس الله روحيهما الذين خاضوا نضالا مستميتا من اجل تحرير واستقلال شعوب افريقيا وكرامتها انطلاقا من المبادىء التي جمعتهم داخل مجموعة الدارالبيضاء التي تعتبر النواة الاولى لقيام منظمة الوحدة الافريقية.
وها نحن اليوم نواصل مسيرة تمتين أواصر هذا التاريخ المشترك متعاونين متضامنين على تحقيق تنمية مستديمة شاملة لبلدينا في ظل النهج الديمقراطي الذي نتقاسم مثله العليا.
ونغتنم هذه المناسبة للتعبير لكم عن تنويهنا وإشادتنا بقيادتكم الحكيمة من أجل إسعاد شعبكم وتجسيد التناوب الديمقراطي الذي كنتم القطب الفاعل فيه والذي يعطي لبلدكم الشقيق مزيدا من الاشعاع الجهوي والدولي.
فخامة الرئيس
اننا من منطلق ايماننا بعمق الانتماء الافريقي للمغرب فإننا لم ندخر أي جهد لتعزيز التعاون مع الاشقاء الافارقة ومن ثم كان حرصنا على القيام بمبادرات عملية وواقعية لمساعدة إفريقيا على مواجهة مشاكلها الكبرى وفق استراتيجية تنموية شمولية وطموحة.
فخامة الرئيس
اننا واثقون فخامة الرئيس من أن زيارتكم المباركة لبلدكم الثاني المغرب ستكون لها نتائج طيبة لأنها ستعمق روابط الاخوة الافريقية بيننا وتعطي دفعة جديدة للتعاون بين المغرب وغانا بارساء قواعد واليات جديدة لعلاقاتنا الثنائية في مختلف المجالات الاقتصادية والتقنية والثقافية فضلا عن ترسيخها لحوار دائم ومنتظم ومباشر للتشاور السياسي فيما بيننا.
واننا لمقتنعون بأن شراكتنا ستشكل رافدا مهما في بناء وحدة افريقية حقيقية قائمة على التكامل الاقتصادي وتعزيز تضامن شعوبنا على أساس نبذ منطق التجزئة الموروث عن العهد الاستعماري وعلى الاحترام الكامل لوحدة وسيادة الدول الافريقية وخصوصياتها.
وإن مما يدعو للاعتزاز ما لمسناه أثناء مباحثاتنا الأخوية من تطابق وجهات النظر ليس فقط في تفعيل علاقاتنا الثنائية وإنما أيضا في كل القضايا ذات الاهتمام المشترك ولاسيما منها الوضع المتأزم في الشرق الأوسط. والمغرب الذي كان سباقا للعمل بكل إخلاص من أجل خلق مناخ من الثقة والتفاهم وتحقيق السلام في هذه المنطقة الحساسة من العالم ما فتىء يعتبر أن السلام الشامل والعادل والدائم لن يستتب إلا باستعادة الحقوق العربية وتخلي اسرائيل عن منطق القوة والغطرسة واحترام قرارات الشرعية الدولية. لذلكم نجدد التأكيد بصفتنا رئيسا للجنة القدس أن الحل العادل والمنصف إنما يتمثل في قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
وإنني إذ أجدد عبارات الترحيب والتنويه والاعتزاز بضيف المغرب الكبير فخامة السيد جون كوفور رئيس جمهورية غانا الشقيقة أدعوكم حضرات السيدات والسادة للوقوف تكريما وتعظيما لفخامته متمنين له موفور الصحة والسعادة وللعلاقات المغربية الغانية المزيد من التطور والازدهار.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
****************
نص كلمة صاحب الجلالة خلال مأدبة العشاء التي أقامها الرئيس عبدو اللاي واد على شرف جلالته
دكار: الثلاثاء 22 ماي 2001
الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه
السيد رئيس جمهورية السينغال ..
السيدة فيفيان واد …
صاحبة السمو الملكي ..
أصحاب السعادة ..
حضرات السيدات والسادة
قبل عام بالضبط كنتم سيادة الرئيس بالمغرب في زيارة من زياراتكم الرسمية الأولى خارج السينغال. وقد اغتنمنا تلك المناسبة المتميزة للالتزام معا بأن نبرهن على الإرادة والمثابرة في تنفيذ الأهداف الطموحة التي أخذنا على عاتقنا مسوءولية تحقيقها لشعبينا.
وهذا المساء بالرغم من الرغبة الجامحة التي تحدوني في الإعراب لكم أولا عن تأثري وسعادتي لوجودي على أرض السينغال هذه التي تعد جزءا من المتخيل الروحي والعاطفي لكافة المغاربة، أود لو سمحتم السيد الرئيس أن أخرج عن المألوف بعض الشيء فأواصل الحديث من حيث أنهيناه في مايو الماضي بمراكش.فقد دعونا معا من منطلق عمق ورسوخ العلاقات التي عرف المغرب والسينغال كيف يقيمانها ويحافظان عليها على مر القرون إلى شراكة مغربية سينغالية متفتحة وبراغماتية تأخذ بعين الاعتبار في المقام الأول الواقعية وفن الممكن.
فتلك الأفكار التي دعونا إليها لم تكن كما سنرى مجرد كلام أملته متطلبات الدبلوماسية والبروتوكول. ذلك أنه في ظرف بضعة أشهر قطع وزراؤنا وخبراؤنا أشواطا بعيدة من حيث التنوع والكثافة والجودة.
فمن الاتصالات إلى النقل الجوي ومن الطاقة الكهربائية إلى القطاع البنكي ومن النقل البحري إلى المطارات والطرق فتح المغرب والسينغال سويا الكثير من الأوراش التي تعتبر واعدة جدا بالنسبة لبلدينا.فنادرا ما يتمكن-سيادة الرئيس- رئيسا دولتين في مثل هذا الوقت الوجيز من أن يريا أنهما قاما بالمهمة المنوطة بهما أحسن قيام وربما أكثر مما كان متوقعا.
إنها لسعادة نادرة تغمرني..وأود بادىء ذي بدء وقبل أي اعتبار آخر أن نتقاسم هذا الإرتياح الكبير للعمل المنجز الذي يذكي في المغرب والسينغال طموحات كبيرة ويحثنا على المضي قدما بنفس الوتيرة وبنفس المثابرة.
إن الاستقبال الحار والأخوي الذي خصص لي والوفد المرافق لي يعكس هذا التميز المغربي السينغالي الذي يبعث الحماس في شعبينا ويفسر الطابع الخاص للقائنا. وإنني إذ التقي بكم اليوم في مدينة دكار،سيادة الرئيس، ألتقي بأخ ورجل دولة عظيم يقدر الجميع حكمته ويشهد له بالنضال والشهامة والوفاء للصداقة.
وإن مما يزيد من تأثري الكبير أن الذاكرة تعود بي في هذه اللحظة التي تجمعنا إلى الزيارة التي قام بها والدنا جلالة المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه إلى السينغال سنة 1964 والتي توءكد إذا كان الأمر يحتاج إلى تأكيد استمرارية ومتانة العلاقات التي أرسى دعائمها بلدانا غداة استقلالهما والتي ارتقى بها تدشين المسجد الأكبر بدكار إلى أعلى مستوى رمزي وروحي وتاريخي.ومن المؤكد، سيادة الرئيس، أنه يصعب في هذه اللحظة القيام بجرد كامل لروابطنا المنسوجة عبر الزمن وللمبادلات المتواصلة عبر تاريخنا المشترك لكنه يبدو لي من المشروع والمفيد التذكير بأن تعاوننا النموذجي وإرثنا الغني يمثلان بلا شك القاعدة الصلبة التي يقوم عليها البناء الذي سيستوحي منه الفاعلون الاقتصاديون في القطاعين العام والخاص ببلدينا حالا واستقبالا محاور جديدة لعلاقة جيدة ومتضامنة.
إن تعاوننا الثنائي-سيادة الرئيس -الذي يضبطه اليوم إطار قانوني متين والذي يشمل عددا من الميادين يعرف منذ بضعة أشهر، كما لمسنا ذلك، تقدما نوعيا ملحوظا ويحق لنا اليوم أن نهنئ أنفسنا على ذلك.كما أنني مسرور لرؤية المغرب بفضل الإرادة التي تحدوكم يساهم في تنفيذ أوراش كبرى للتنمية الاقتصادية والاجتماعية التي فتحتموها وهي مساهمة تعطي لشراكتنا معناها الكامل وتوءكد البعد المتميز لتعاوننا.ولي اليقين أن اللجنة المشتركة التي ستجتمع قريبا بدكار ستعرف كيف تترجم ما قمنا به معا خلال الشهور الأخيرة إلى عمل ملموس.
وإنني لمقتنع سيادة الرئيس بأن بلدينا يتوفران على موءهلات كبرى وموءسسات ديموقراطية أثبتت متانتها وعلى ثقافة راسخة لحقوق الإنسان التي تحرر طاقات جديدة وتدعم الانسجام الإجتماعي وتساعد مجتمعينا على تحصين الذات من التأثيرات الخارجية المتعددة الأشكال التي يمكن أن تخفي محاولة لهيمنة من نوع جديد.
إن إفريقيا الواعية بدينامية العولمة هاته التي لا مناص منها تحدوها إرادة مشروعة في التعامل على قدم المساواة مع باقي التجمعات الإقليمية الأخرى وتخلق لنفسها تدريجيا تجمعات تطمح إلى المساهمة في اندماج اقتصاديات القارة في إطار احترام الثقافات والقيم الخاصة بكل بلد وبكل شعب.
وأود في هذا الصدد أن أوءكد لكم، سيادة الرئيس، مدى التقدير الذي يكنه المغرب لمساهمة بلدكم في مسلسل الإندماج في منطقة إفريقيا الغربية من خلال المجموعة الاقتصادية لبلدان افريقيا الغربية ومن خلال الاتحاد الاقتصادي والنقدي لبلدان غرب افريقيا الذي سيربطه بالمغرب اتفاق تجاري واستثماري عما قريب.كما انني واثق من أن الجهود الدؤوبة التي تقوم بها فخامتكم من أجل الاندماج الافريقي في اطار بلورة وانجاز برنامج “أوميغا” الذي يحدد شروط تنمية منسجمة لقارتنا ستساعد ليس فقط على تعزيز هذا الاندماج بل وكذلك على الخصوص ستبوىء افريقيا المكانة اللائقة بها والتي تستحقها بين الأمم.
ويسرني أيضا أن يكون بلدانا جزءا من التجمع الفتي لبلدان الساحل والصحراء كما انني مقتنع بأنه سيكون من المفيد لنا جميعا التفكير في إقامة جسور نشيطة وملموسة مع اتحاد المغرب العربي ذلك التجمع الآخر الذي هو ضروري لتحقيق التوازن الافريقي والذي يحظى بمكانة خاصة في قلوب المغاربة ويظل بالنسبة للمغرب خيارا استراتيجيا أساسيا.
سيادة الرئيس
إذا كان من شأن التقدم الذي تم احرازه في الكثير من البلدان الافريقية على درب الديمقراطية والنمو الاقتصادي والاجتماعي أن يشكل مبعث ارتياح لنا فهذا لا ينسينا ما نراه من تزايد مظاهر عدم الاستقرار السياسي وتكاثر بوءر التوتر في عدد من مناطق القارة الافريقية.إن هذه الوضعية تشغل بالنا وتوءرقنا وترهن لأمد طويل النمو الاقتصادي والاجتماعي والثقافي لبلداننا. وقد يصبح من الصعب التحكم فيها إذا لم يتم وضع ءاليات حقيقية وفعالة في إطار سياسة متشاور بشأنها وشجاعة للتخفيف من عبء الديون، خاصة من خلال تحويلها إلى استثمارات من قبل المجتمع الدولي وذلك لتمكين الدول الأكثر مديونية من الخروج من دائرة التخلف.
السيد الرئيس
لقد عبرتم السنة الماضية بمراكش عن أمنية تتمثل في مسيرة أمل لافريقيا. وإني لأشاطركم كليا هذه الامنية. وهناك إشارات ملموسة تنبئ بتعبئة قارتنا في مد تضامني غير مسبوق كما هو الشأن بالنسبة للتقدم الذي لوحظ في محاربة الأوبئة والذي يتجلى في تعدد المبادرات العمومية والخاصة التي يتعين على المجتمع الدولي دعمها بمجهودات أكثر نجاعة وأكثر اقتناعا وإقناعا وانسجاما.كما أنني سعيد بما يلاحظ من تعبئة على مستوى قارتنا لفائدة حقوق الطفل. فقد أوصت قمة السيدات الأوليات الإفريقيات بالدفاع عن حقوق الطفلة وتطوير هذه الحقوق وحمايتها وتكريسها في إطار حركة شمولية لتنمية إفريقيا.
ويشكل إعلان مراكش بلا مراء مساهمة ثمينة من قبل مجموع البلدان الإفريقية في الدورة الاستثنائية المقبلة للجمعية العامة للأمم المتحدة المخصصة للطفل.
السيد الرئيس
إن الوضع في الشرق الأوسط يمثل بالنسبة لنا جميعا مصدر قلق بسبب الغارات التي تشن ضد بلدان المنطقة واستفحال العنف ضد السكان المدنيين الفلسطينيين العزل.
ولذلك فإن المجتمع الدولي مدعو للتحرك بسرعة لحمل إسرائيل على احترام قرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية بانسحابها من جميع الأراضي العربية المحتلة واحترام الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
السيد الرئيس
إن حفاوة استقبالكم لنا وكرم ضيافة الشعب السينغالي وجودة علاقاتنا وثراء روابطنا العريقة وأواصر الأخوة التي تجمع بين شعبينا كلها مظاهر تعبر عن متانة تعاوننا بقدر ما تعتبر صمامات أمان ستضمن ثراءه وعمقه واستمراره.
أصحاب السعادة
حضرات السيدات والسادة
أدعوكم إلى الوقوف احتراما لأخينا فخامة الاستاذ عبدو اللاي واد وتعبيرا عن متمنياتنا الخالصة له بالصحة والعافية وبالتقدم والرقي للشعب السينغالي وكذا بازدهار العلاقات المغربية السينغالية في ظل الصداقة والأخوة.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
******************
نص الكلمة السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس في افتتاح أشغال المجلس الأعلى للماء والمناخ
أكادير: الخميس 21 يونيو 2001
الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.
حضرات السيدات والسادة
لقد أبينا إلا أن نرأس افتتاح أشغال المجلس الأعلى للماء والمناخ إيمانا منا بالأهمية القصوى للماء الذي نعتبره من مقومات السيادة الوطنية واقتناعا منا بفضيلة الحوار البناء داخل الهيئات المختصة حول كل القضايا الوطنية الكبرى. وإذا كانت بلادنا ولله الحمد قد حباها الله بخيرات طبيعية وفيرة، فإن إرادته تعالى تمتحننا بفترات جفاف كان من الممكن أن تكون انعكاساتها السلبية أكثر خطورة على النمو الاقتصادي والتوازن البيئي لبلادنا لولا السياسة المائية الرشيدة لوالدنا طيب الله ثراه التي جعلت المجلس العالمي للماء يطلق اسم الحسن الثاني على أكبر جائزة دولية لتكريم أفضل عمل عالمي في مجال الماء.
وإذا كان المغرب قد نجح لحد الآن في مسايرة ارتفاع الطلب على المياه بتقوية العرض عن طريق تعبئة متنامية للموارد ضامنا بذلك تزويد المدن وسقي المليون هكتار فإن هذا التوازن أصبح هشا بفعل تضافر إكراهات متعددة. ولهذا فقد آن الأوان لنغير جذريا نظرتنا وسلوكنا تجاه الماء من خلال تدبير الطلب عليه وعقلنة استهلاكه مع مواصلة الجهود من أجل تعبئة كافة الموارد المائية القابلة لذلك والسير قدما في سبيل إنجاز منشآت التخزين وتحويل المياه من الأحواض ذات الفائض نحو الأحواض المعوزة سعيا لتحقيق التضامن بين الجهات.
ومن أجل تخفيف العبء عن كاهل الاستثمار فقد أصبح من اللازم البحث عن صيغ جديدة لتمويل وتدبير التجهيزات المائية كما ينبغي مراجعة اختياراتنا المتعلقة بأنواع إنتاجنا الفلاحي الذي نعتبره في صلب أولوياتنا آخذين بعين الاعتبار عنصر ندرة المياه والتكلفة الحقيقية للإنتاج بالنسبة لبلادنا.
ونظرا للتأخر المسجل على مستوى الصرف الصحي للمياه المستعملة يتعين وضع تصورات عملية من شأنها المساعدة على حماية مصادر المياه من التلوث كما يجب إيلاء عناية أكبر لتفعيل برنامج تزويد العالم القروي بالماء الشروب حتى تتمكن باديتنا من تحقيق ما ننشده لها من نماء.
وسواء تعلق الأمر بالبوادي أو الحواضر فإننا نحث جميع المتدخلين في قطاع الماء وبالأخص المكتب الوطني للماء الصالح للشرب على أن يبذلوا قصارى جهودهم من أجل تأمين تزويد كافة المجموعات السكانية بمملكتنا بالماء الشروب مع مراعاة شروط الجودة والسلامة الصحية والتوزيع العادل والتضامن الفعال.
حضرات السيدات والسادة.
لقد كان من بين نتائج مواسم الجفاف المتتالية التي عاشتها بلادنا خلال العشرين سنة المنصرمة ارتفاع مديونية الفلاحين مما جعل شريحة كبيرة منهم غير قادرة على أداء ما ترتب عليها من ديون لفائدة الصندوق الوطني للقرض الفلاحي. ومن أجل تدارك هذا العجز فقد أصدرنا توجيهاتنا السامية إلى حكومتنا كي تعمل على إعادة جدولة الديون الفلاحية في مدة تتراوح بين 15 و 20 سنة مع إعفاء جزئي يمكن أن يصل إلى 40 في المائة لفائدة صغار الفلاحين ومع مراعاة الخصوصيات الطبيعية للمناطق. وستهم هذه العملية ما يناهز 000 120 فلاحا.
وإننا لنتوخى من خلال هذا المجهود دعم فلاحينا الأوفياء وتمكين مؤسسة القرض الفلاحي من مزاولة نشاطها وهي في وضعية مالية سليمة وفي إطار مؤسساتي شفاف وملائم يقوم على إصلاح هياكلها وفق قانون جديد يوجد الان في طور المناقشة داخل البرلمان مؤكدين بأننا سنظل ساهرين على أن يظل تمويل نشاط الفلاحين الصغار ميسرا عبر عقد بين القرض الفلاحي والدولة.
حضرات السيدات والسادة
إننا لنعلق آمالا كبرى على مجلسكم الذي يجتمع لأول مرة في إطار قانون الماء لبلورة التوجهات العامة للسياسة المائية الوطنية داعين حكومتنا إلى الإسراع باتخاذ التدابير الكفيلة بتفعيل جميع مقتضيات هذا القانون فضلا عن تكريس الجهود لترسيخ منهجية عمل دقيقة تمكن مجلسكم من ممارسة حضوره الدائم في كل ما يتعلق بالسياسة المائية تحقيقا لارادتنا في جعل هذا المجلس فضاء خصبا لمناقشتها.
ذلكم أن إشكالية تدبير الماء هي من التعقد والتداخل بحيث لا تقبل المعالجة التقنية الصرفة ولا تحل بمجرد إنجازات جزئية منفصلة وإنما تستدعي مقاربة شمولية قوامها التبصر والموازنة بين الامكانات المتاحة للعرض دون تفريط والحدود المعقولة للطلب دون إفراط.
ومن هذا المنطلق فإننا ننتظر منكم خلال دورة مجلسكم القادمة تجسيد هذه المقاربة لدى دراستكم مشروع المخطط الوطني للماء الذي هو قيد الإعداد متوخين منه أن يحدد استراتيجية وطنية جديرة بتنمية الموارد المائية في أفق سنة 2030 وأن يمكن من اتخاذ القرار السياسي الملائم على اساس توزيع عادل وعقلاني لهذه الثروة يحول دون كل أنواع التنازع أو الاحتكار أو التدبير.
وإننا لواثقون من تقديركم للمسؤولية ومن حرصكم الصادق على تضافر خبراتكم ضمن مجهود جماعي كفيل بضمان الأمن المائي لوطننا العزيز حاضرا ومستقبلا.
أعانكم الله وسدد خطاكم والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
************************
نص الكلمة السامية لجلالة الملك الى الدورة الاستثنائية للامم المتحدة حول السيدا
نيويورك: الاثنين 25 يونيو 2001
السيد الرئيس..أصحاب الجلالة والفخامة والسمو والمعالي ..معالي السيد الامين العام ..حضرات السيدات والسادة
يطيب لنا أن نعرب لكم عن تنويه المملكة المغربية الكبير بقرار الجمعية العامة لمنظمة الامم المتحدة بعقد دورة استثنائية في موضوع السيدا متمنين لهذه المبادرة المحمودة كامل النجاح ءاملين أن يتمكن هذا الملتقى الاممي من تعبئة ما يلزم من موارد لمحاربة هذا الوباء الفتاك.
وتجاوز التناقض الصارخ المتمثل في التمجيد النظري للصحة كحق من حقوق الانسان من جهة والتمييز الفعلي من جهة أخرى بين دول متقدمة تمكنت من تطويق داء السيدا بفضل إمكاناتها واستغلالها للبحث الطبي وأخرى نامية عجزت عن وقف استفحاله بفعل افتقارها إلى الحد الادنى من الوقاية والعلاج وبخاصة في قارتنا الافريقية التي يواجه بعضها هذا الخطر الماحق.
وإذا كنا نواجه ما تفرضه علينا العولمة من إكراهات يقتضيها التحاقنا بركب التطور العالمي وما تفرزه هذه العولمة من تدفق للهجرة بحيث لايمكن لاي بلد من بلداننا أن يظل بمنأى من الاصابة بهذا الداء فإن تحقيق التغطية الطبية وتقريبها من الجميع إضافة الى تكوين ما يلزم من الاطر الطبية وتوفير الادوية والتجهيزات الصحية الضرورية كل ذلك يقتضي رصد اعتمادات هامة في ميزانية بلداننا الى جانب إعفاءات جبائية وجمركية بالنسبة للمواد الطبية الضرورية خاصة منها الادوية التي تتوقف عليها صحة المواطنين بدون تمييز اجتماعي أو جغرافي أو عرقي.واننا لنشيد بما اتخذه السيد الامين العام للامم المتحدة من مبادرات حميدة تتمثل فى احداث صندوق دولي لتمكين البلدان النامية التى تعانى من داء السيدا من الحصول على الادوية المضادة للارتداد الفيروسى.
وقد وضع المغرب استراتيجية متكاملة لمحاربة داء السيدا تقوم على اساس التشخيص والمعالجة والوقاية واشراك كافة الفاعلين من سلطات حكومية ومجتمع مدنى فى حملات توعية واسعة النطاق تنظم عبر وسائل الاعلام وبين الشباب والفئات المعرضة للاصابة بصفة عامة مستجيبين فى نفس الوقت للانشغالات التى عبر عنها مشروع الاعلان الاممي عن الالتزام الذى قدم لهذه الدورة.
وان المغرب اذ يعبر عن ارتياحه للمبادرات الاممية فانه يأمل ان يستفيد من الاسعار التفضيلية المخولة لغيره من البلدان داعيا الى وضع المزيد من ءاليات التعاون والتنسيق الدوليين من أجل مكافحة هذا الوباء الذى يهدد المجهود التنموى والامن الصحي فى العالم.وبفضل ما تراكم لديه من خبرة ومهارة وما تقوم به أطره من متابعة دائبة وتقييم وتكييف لما يتم من مبادرات واعمال فى هذا المجال فان المغرب مستعد لوضع تجربته المتواضعة رهن اشارة المجموعة الدولية خاصة اشقاءه الافارقة تأكيدا منه لتعلقه الراسخ بقيم التضامن الفعال التي يجب ان نسترشد بها جميعا فى عملنا.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
المصدر : https://telegraafm.com/?p=20527