عبد الرحيم الفقير الادريسي في مدونات Pers : بالعربية والفرنسية والهولندية telegraafmpers@gmail.com … Aljazirapress@yahoo.nl
في عرض رئيس الحكومة للبرنامج الحكومي أمام مجلسي البرلمان مجتمعين
تحصين الاختيار الديمقراطي وتعزيز آلياته
أود اغتنام هذه الفرصة لأتوجه خاصة لفرق الأغلبية من منطلق المسؤولية الملقاة على عاتقنا جميعا في توفير الظروف المثلى لضمان تكامل وانسجام مختلف مكوناتها ولجعل الخيط الناظم لعمل الأغلبية واضحاً، في ظرفية تقتضي تخليق الحياة العامة لاسترجاع ثقة المواطن في العمل السياسي، وتحصين مكتسبات دولة الحق والقانون، وتحفيز الاقتصاد الوطني وضمان تكافؤ الفرص لكل المواطنات والمواطنين.
3. تحصين الاختيار الديمقراطي وتعزيز آلياته
السادة الرؤساء، السيدات والسادة الوزراء، السيدات والسادة النواب والمستشارين المحترمين،لقد قطع المغرب أشواطا هامة في ورش تعزيز الديمقراطية والإصلاحات السياسية، وتتمتع اليوم بلادنا بمشروعية سياسية وتاريخية وثقافية، مستمدة من الملكية المغربية ذات التاريخ العريق والوطنية الدائمة، والنفس الإصلاحي العميق، والمبادرات الجريئة.
فبلادنا المستقرة، الآمنة، بفضل الله والإرادة الحقوقية والإصلاحية الراسخة لجلالة الملك محمد السادس حفظه الله ونصره، وانخراط كل القوى الحية، تحصد اليوم ما زرعته خلال العقدين الأخيرين، من المبادرات السياسية الوازنة، والإجراءات الحقوقية الجريئة، كدستور 2011، وشجاعة إحداث هيئة الإنصاف والمصالحة، وجرأة التغييرات الجوهرية في مدونة الأسرة، وإقرار المفهوم الجديد للسلطة، وطرح ورش الجهوية المتقدمة، وفتح ورش إصلاح العدالة، وإطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وغير ذلك من الأوراش الاستراتيجية الكبرى التي سنعمل داخل الحكومة على استثمارها، وتكريس أثرها الإيجابي على حياة المواطنات والمواطنين، لتعزيز بناء دولة الحقوق والحريات والعدالة الاجتماعية والمجالية، القادرة على لعب دور تنموي استراتيجي، في خضم التحولات الإقليمية والدولية المحيطة بها.وتعتبر الحكومة بأن الديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان والحريات هي قضايا أفقية رئيسية ومشتركة بين عدد من القطاعات، يحتاج النقاش فيها إلى روح جديدة وتناسق والتقائية ناجعة، كما أن هناك حاجة ملحة اليوم إلى تحيين خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان بهدف تطويرها وتجويد محاورها من أجل تقوية مسلسل الإصلاح السياسي في بلادنا وضمان فعلية حقوق الإنسان بكل أجيالها تعزيزا لدينامية الوعي الحقوقي ببلادنا.كما أن ورش إصلاح منظومة العدالة وما تحقق فيه من مكتسبات قد جعل بلادنا نموذجا في هذا المجال، خاصة وأن الإصلاح القضائي لم يقتصرعلى جوانب تقنية فقط وإنما له بعد استراتيجي يروم بناء دولة القانون، وتحسين مناخ الأعمال ومحاربة الفساد وجعل المواطنات المواطنين كلهم سواسية أمام القانون و القضاء وتشبتا منها بثوابت الأمة الجامعة، والمتمثلة في الدين الإسلامي السمح، والوحدة الوطنية متعددة الروافد، والملكية الدستورية، والاختيار الديمقراطي واستحضارا منها لقدسية السيادة الكاملة لبلادنا، ووعيا منها بإكراهات التحديات الخارجية، وانطلاقا من التراكمات الدبلوماسية التي حققتها بلادنا تحت القيادة الدبلوماسية السديدة لصاحب الجلالة، المتجسدة في جدية ونجاعة مقترح الحكم الذاتي بالصحراء المغربية والاعتراف الأمريكي بسيادة بلادنا على جميع ترابها، وفي ظل ارتفاع وثيرة التمثيل الدبلوماسي الأجنبي بأقاليمنا الصحراوية، وترسيخ الصورة المشرقة لبلادنا داخل القارة الإفريقية وباقي الملتقيات الأممية، ستبقى الحكومة ملتفة وراء جلالة الملك الضامن لحوزة البلاد، وستسير على النهج الملكي القويم للطي النهائي لملف الصحراء المغربية، وذلك بالاعتراف الذي لا لبس فيه، بالسيادة الوطنية وبإقرار الحل السياسي الذي قدمه المغرب والذي لقي تجاوبا واسعا لدى المنتظم الدولي وأريد في هذا المقام، أن أتقدم أمام مجلسي البرلمان الموقرين، باسم الحكومة، بتحية تقدير وإكبار لجلالة الملك محمد السادس، نصره الله وأيده، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، على العناية المولوية السامية التي يوليها للقوات المسلحة الملكية والدرك الملكي، وأشيد بالروح العالية للتفاني والتضحية التي ما فتئ رجال ونساء هذه المؤسسات يبرهنون عليها من خلال مزاولتهم لمهمامهم النبيلة.وستعمل الحكومة جاهدة على حسن تنفيذ التوجيهات الملكية السامية، وذلك بتسخير كافة الإمكانيات والوسائل الكفيلة بتمكين القوات المسلحة الملكية من الاضطلاع بالمهام المنوطة بها في الدفاع عن حوزة الوطن ووحدته الترابية، وفي الحفاظ على الأمن والاستقرار وسلامة المواطنين وكذا بالمهام التي تشارك فيها في إطار عمليات حفظ السلام والأمن الدوليين.كما ستعمل الحكومة على الاستثمار الأفضل للإجماع الوطني حول الوحدة الترابية، وعلى الإشارات القوية الصادرة عن نسبة التصويت الكبيرة في الأقاليم الجنوبية في الاستحقاقات الأخيرة، وعلى الحضور القوي للمملكة المغربية داخل مختلف المحافل والتكتلات، والقوى الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الدولية. كما تلتزم الحكومة بالتجند وراء جلالة الملك نصره الله للتصدي للتحديات الخارجية والدفاع عن المصالح العليا للوطن، ودعم الدبلوماسية البرلمانية، وتعزيز قدرات الدبلوماسية الموازية والدبلوماسية الاقتصادية والثقافية، نصرة لقضيتنا الترابية، وتقوية للدور الذي تضطلع به بلادنا على الصعيد القاري والدولي.وسنعمل داخل الحكومة على مواصلة دعم مسار التنمية بأقاليمنا الجنوبية، والوفاء بكل الالتزامات المعلنة سابقا، وتسريع تنفيذ مختلف المخططات والبرامج التنموية المسطرة، في إطار وحدتنا الترابية والوطنية، المسندة باختياراتنا للجهوية المتقدمة. هذا الورش الأخير الذي ستعمل الحكومة على الإسراع باستكمال إرساءه.وفي هذا السياق، ستعمل الحكومة على توطيد خيار الجهوية كخيار دستوري وديمقراطي وكبديل تنموي لتعثر السياسات العمومية المركزية والممركزة في القضاء على التفاوتات المجالية، فيما يخص الاستثمارات والولوج إلى الخدمات العمومية الأساسية، وبالتالي انعكاس ذلك على التوزيع العادل للثروة بين الجهات. كما ستعمل على نقل اختصاصات واسعة من الدولة إلى الجهة، من خلال إبرام برامج تعاقدية بين الدولة والجهات وفق مقاربة ترتكز على النتائج، وعلى نحو يضمن الاستقلالية في التدبير المالي والإداري للجهة، ويجعل من هذه الأخيرة قطبا تنمويا حقيقيا ورافعة للتنمية البشرية والارتقاء الاجتماعي وشريكا أساسيا للدولة..
المصدر : https://telegraafm.com/?p=18639