النص الكامل للندوة الصحفية الهامة لجلالة الملك الحسن الثاني على إثر اختتام أشغال القمة التأسيسية لاتحاد المغرب العربي

editor
LAAHAY Den Haag Pers
editor3 مارس 2025 viewsLast Update : شهرين ago
النص الكامل للندوة الصحفية الهامة لجلالة الملك الحسن الثاني على إثر اختتام أشغال القمة التأسيسية لاتحاد المغرب العربي

عبد الرحيم الفقير الادريسي  في مدونات  Pers  : بالعربية والفرنسية والهولندية  telegraafmpers@gmail.com … Aljazirapress@yahoo.nl

النص الكامل للندوة الصحفية الهامة لجلالة الملك الحسن الثاني على إثر اختتام أشغال القمة التأسيسية لاتحاد المغرب العربي

حضرات السادة والسيدات،1aaaaaaaaaaaaaaa 19  - TelegraafM

إنني متأسف جدا كوني تأخرت عن الموعد ولكن كانت عندي التزامات مع ضيوفي.

جرت العادة عقب كل مؤتمر أن يعقد رئيس الدولة المضيف لقاء مع الصحفيين.

وها نحن الآن موجودون في هذه القاعة احتراما لتلك التقاليد، أرجو منكم أن تضعوا أسئلتكم دون تكرار وأن تضعوها في إطار المغرب الغربي بالخصوص.

سؤال جريدة (السياسة) الكويتية: صاحب الجلالة في كافة اللقاءات التي أجراها الصحفيون مع سكان الأقاليم الصحرواية كان جواب هؤلاء المواطنين أنهم قد تم استفتاؤهم قبل 13 سنة يوم عانقوا إخوانهم القادمين من ربوع المملكة.

وقد أثبتم جلالتكم نظرتكم البعيدة عندما أعلنتم استعداد المغرب لاستقبال كل أبنائه ممن أخطأوا بدخول صفوف “البوليزاريو“.

الآن يا جلالة الملك وعلى ضوء معطيات إعلان الاتحاد المغاربي هل توصلتم مع زعماء الاتحاد على صيغة معينة بخصوص قضية الصحراء.

جواب جلالة الملك:

إنني أعتقد أن قضية المغرب العربي ليست وليدة اليوم فهي قضية الأجيال السابقة والأحلام التي عاش عليها آباؤنا وتربينا فيها. فلهذا يجب أن ينظر الإنسان والمحلل إلى قضية المغرب العربي ككل نرجو من الله سبحانه وتعالى أن يكتب له الدوام والبقاء بحيث لا يمكن أن ترتبط قضية المغرب العربي بأحداث ليست طارئة يمكن أن تقع اليوم كما يمكن أن تقع غدا أو بعد غد، فهناك المستمر وهناك غير المستمر.

فالقضية التي ذكرتم ليس لها أي تأثير على هذه القضية أي على قضية المغرب العربي لأن آمالنا وأحلامنا في توحيد المغرب العربي الكبير سبقت بأجيال وأجيال هذا الحدث الطارئ المتطفل على التاريخ هذا الحدث الذي أسميه ذبابا تاريخيا هذا الحدث الذي أسميه ذبابا تاريخيا أو ذبابا جاء يتطفل على أسد التاريخ أسد المغرب العربي الكبير.

سؤال: جريدة (أنوال): جلالة الملم هل تسمح الهياكل والقوانين التنظيمية لاتحاد المغرب العربي – وهي لم تنشر بعد – أم لا لكل دولة عضو في الاتحاد بأن يكون لها انتماء أو عضوية في اتحاد أو تكتل جهوي سياسي أو اقتصادي آخر، وبالنسبة للمغرب هل سنواصل جلالتكم مساعيكم للحصول على عضوية المغرب في السوق الأوروبية المشتركة.

جواب جلالة الملك:

إن هذا السؤال دقيق جدا ومنطقي مع نفسه، هناك بند من البنود ينص على أن للدول غير الأعضاء في اتحاد المغرب العربي أن تصبح يوما ما عضوا فيه، وقد اتفقنا على أن يكون قبول العضوية بالتراضي أو الإجماع لا بالتصويت أو الأغلبية، هل معنى هذا من باب النقيض أنه يمكن لبلد من بلدان المغرب العري كيفما كان أن يلتحق بمجموعة دون أن يستشير أو دون أن تعطيه الدول الأخرى الضوء الأخضر، إن هناك مجال للمذاكرة حول سلم القيم هل القانون الداخلي يسمو على القانون الجماعي أو أن القانون الجماعي له أفضلية وأسبقية على القانون الداخلي، هذا من جهة، لكن السؤال الأصيل والحقيقي هو هل الانتماء المزعوم أو المفترض ستكون له انعكاسات سلبية أم إيجابية على التجمع المغربي، فإذا كان انتماء عضو من الأعضاء لا ضرر فيه بل ليس فيه إلا الخير وجلب الخير فأظن شخصيا أنه من باب الأحروية كما يقول الفقهاء أن يعطي له الضوء الأخضر ليفتح ويشق الطريق أمام الآخرين بحيث أن المسألة هي قبل كل شيء مسألة سياسية قبل أن تكون مسألة نصوص أو مسألة شكليات وإذا أردنا أن نتعاطى تفسير الظاهرية كما فسروا القرآن أو الأحاديث فبالطبع سنغرق في الشكليات ولن نرى السواحل الشاسعة التي يجب أن نصل إليها.

وبالنسبة للشطر الثاني من سؤالكم المتعلق بعضوية المغرب في السوق الأوروبية المشتركة أعتقد شخصيا أنه علينا الآن أن نسير بعجلتين، العجلة الأولى وهي طلب المغرب ليكون عضوا في السوق الأوروبية المشتركة وبالعجلة الثانية وهي تمكين المغرب العربي بأجمعه من أن يكون هائلا ككل للانتماء للسوق الأوروبية، وفي كلتا الحالتين كما نقول عندنا الناجي يأخذ بيد أخيه أو السابق يأخذ بيد أخيه، فإذا قبلت عضوية المغرب كعضو كامل فمما لا شك فيه أن أعضاء السوق الأوروبية قبل أن يعطوا الضوء الأخضر لقبول المغرب عضوا على أساس أنه جزء لا يتجزأ من وحدة ليست عاطفية فقط بل وحدة سياسية واقتصادية ومنظمة سيكنون قد أخذوا بعين الاعتبار هذا وقد قالوا ضمنيا نعم للمجموعة المغربية كلها، وإذا سرنا على العجلة الأخرى وكانت هذه العجلة أسرع من العجلة المنفردة للمغرب وأصبح المغرب العربي ككل متمتعا بجميع المزايا والكماليات والضروريات فالحمد لله سيدخل المغرب العربي ككل كمخاطب ومخاطب وكعضو أما كامل أو غير ذلك في السوق الأوروبية المشتركة.

سؤال: جريدة (المدينة) السعودية.

جلالة الملك تردد أن رؤساء دول المغرب العربي سيقومون بإرسال مبعوثين خاصين إلى دول مجلس التعاون الخليجي ومجلس التعاون العربي لشرح أهداف اتحاد المغرب العربي، فهل ستقدمون يا جلالة الملك فعلا على هذه الخطوة وهل يمكن التطلع إلى صيغة تنسيقية بين هذه الاتحادات.

جواب صاحب الجلالة:

لم يرد هذا أبدا، ولكن المغرب العربي ومجلس التعاون لدول الخليج والمجلس الجديد الذي ولد.

ولله الحمد والشكر كلها أعضاء في الأسرة الكبيرة للجامعة العربية، وكيفما كان الحال فقد اتفقنا على أنه بعد الموافقة الدستورية إن شاء الله الاتفاقية سنبعث بهذه الوثيقة إلى كل من هيئة الأمم المتحدة والهيئات الجهوية كحركة عدم الانحياز والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وغيرها، ومما لا شك فيه أنه حينما ستصل هذه الوثيقة إلى الجامعة العربية سيتسنى لها ككل ولمجلس التعاون الخليجي ومجلس التعاون العربي أن ينظر إما على انفراد أو مجتمعين في هذا الاتحاد.

ويمكن عقد مؤتمر قمة لا للنظر في المسائل السياسية المطروحة يوميا على جدول الأعمال ولكن للتفكير في مصير التجمعات الثلاثة والتنسيق بينها من الناحية الاقتصادية السياسية ومن الناحية التجارية وهذا ربما سيعطي قوة جديدة ونفسا جديدا للجامعة العربية وللدول العربية المنخرطة فيها.

سؤال: هيئة الإذاعة البريطانية “القسم العربي“:

صاحب الجلالة: في انتظار أن يكون هناك اندماج بين المغرب ودول المغرب العربي مع السوق الأوروبية المشتركة كما قلتم كيف سيكون موقف اتحاد المغرب العربي تجاه السوق الأوروبية المشتركة مستقبلا على المدى القريب وما هي أهم ملامح اتحاد المغرب العربي.

جواب صاحب الجلالة:

إن موقف الدول المغرب العربي ككل لا يمكن أن يكون إلا موقفا إيجابيا وموقف الراجي والمؤمل في أن ينظر إلى المغرب العربي بعين الاعتبار وفي أن تؤخذ بعين الاعتبار المجهودات المغاربية، وبالطبع فإن الآمال التي لا يغذيها الواقع والإنتاج والنمو هي آمال جميلة وحلوة ولكن فارغة، فيجب علينا إذن أن نؤمل في السوق الأوروبية المشتركة ولكن “اعتقلها وتوكل” علينا أن نعمل آملين أن يحظى عملنا بالتقدير والاعتبار اللازم.

وبخصوص هيكلة المغرب العربي فإن الخطوة التي أقدمنا عليها اليوم ليست إلى خطوة ولكن المهم أنها خطوة جماعية لا تردد فيها ولا تحفظ أبدا، من الممكن أن أقول بأن الاجتماعات والمذاكرات مرت كلها في جو من التصارح ليس التصارح البشع المليء بالحزازات أو المؤاخذات بل بالعكس كان ذلك التصارح دائما في جو من البشاشة إن لم أقل في بعض الأحيان في جو من المزاح أو النكت، ولم يبق هناك مشكل تركناه خوفا من أن يكدر الجو بل بالعكس طرحنا جميع المشاكل فمنها ما اتفقنا على أن نجد له حلا الآن ومنها ما تفقنا على أنه لا بد لها من وقت لأنه وكما أقول دائما فإن السياسة مثل الفلاحة يجب للزمن أن يلعب دوره فيها كما تلعب الفصول دورها فيما يخص الفلاحة سواء كانت فواكه أو حوامض أو نباتات أو زرع أو قمح وغير ذلك، وأعتقد أن الانطلاقة كانت طبية ولله الحمد.

وأغتنم هذا السؤال وهذا الجواب لأقول كلمتي الختامية، وهي أن الانطلاقة كانت ولله الحمد انطلاقة أناس جادين مسؤولين يعرفون جيدا أنهم كلهم واقفون على محك المصداقية بالنسبة لشعوبهم لأن الإيمان بالمغرب العربي والتطلع إليه ليس من باب الطموحات العادية بل هو مطمح مقدس بالنسبة للمغرب كله له عمق واحد، فهذا الإحساس لا يوجد في بلد بكيفية أعمق من بلد آخر أو العكس، فالكل كان يشعر بأنه واقف على محك المصداقية أمام الحاضرين الآن وأمام من سيأتي من بعد، وكلنا عملنا والله يشهد على حسب اجتهادنا وقوتنا مستعينين بالله سبحانه وتعالى وبإيماننا كأشخاص وبالحافز الكبير والعظيم وهو إيمان شعوبنا على أن نضع لعملنا الحالي والمستقبلي إطارا يسمح لنا كيفما كانت الظروف أن نسير به بالسرعة اللائقة دون الخوف من أي عطب ميكانيكي أو عطب قانوني لأن الدافع السياسي ألا وهو الدافع المسؤول دافع المسؤولية سواء الشخصية أو الجماعية كان في الأساس هو الدافع المقدس الذي يمثل أحلام أجدادنا وأبائنا ويشخص طموحاتنا الآن ويضمن مستقبل أجيالنا الصاعدة والمقبلة لعيش أفضل ولدور في المجتمع العالمي في مستوى أعلى أشكركم جميعا والسلام عليكم.

ترجمة الأسئلة والأجولة التي تمت باللغة الفرنسية:

وكالة الأنباء الإفريقية (بانا).

سؤال: صاحب الجلالة تبذل منظمة الوحدة الإفريقية منذ 1980 وجامعة الدول العربية التي تنتمي إليها الدول المغربية الخمس منذ 1964 جهودا من أجل إنشاء تجمعات اقتصادية على نطاق واسع، وأود أن أعرف ما إذا كانت قد جرت اتصالات في الفترة الفاصلة بين قمة زرالدة وقمة مراكش من أجل التنسيق بين المبادرات التي اتخذت في جهات أخرى وبين اتحاد المغرب العربي الذي برز حيز الوجود.

وسؤالي الثاني إذا سمحت جلالتكم هو معرفة موعد ومكان انعقاد القمة المغربية الثالثة.

جواب جلالة الملك:

إن سؤالكم سؤال وجيه وأنا سعيد بكونه طرح، فقد كان انشغالنا طيلة الثلاثة أيام التي استغرقها اجتماعنا هنا بمراكش ليس فقط إنشاء كيان مغاربي ولكن بالخصوص العمل على ألا يظهر هذا الكيان وكأنه غير مكثرت بأصدقائه التقليديين الذين تربطهم به علاقات عريقة سواء كانوا ينتمون إلى العالم العربي أو إلى القارة الإفريقية، وقد قررنا جميعا بشكل تلقائي أنه عندما سيكتمل بناء هذا الاتحاد في الستة أشهر المقبلة إن شاء الله أي الوقت اللازم لإقامة المؤسسات أن نولي اهتماما كبيرا بالخصوص للمشاكل الإفريقية ولإقامة علاقات جد متميزة مع جيراننا الأفارقة، وبالإضافة إلى ذلك فإن أحد بنود المعاهدة التي ستنشر قريبا ينص على أن هذا الاتحاد المغاربي مفتوح أمام الدول الأخرى التي ترغب في الانضمام إليه، إذا فأنا مسرور بأن أقول عبر الصحافة الحاضرة هنا سواء الوطنية أو الدولية وخاصة الإفريقية لإخواني الأفارقة أن هاجسنا الأول نحن في المغرب العربي هو أن نبين أن اتحادنا لن يكون حاجرا بيننا وبين إخواننا الأفارقة بل على العكس من ذلك ستكون لنا في مرحلة أولى علاقات جد متميزة معهم سواء على المستوى الثنائي أو الجماعي، ولتأكيد رغبتنا بشكل جلي نصصنا عليها في صلب المعاهدة، لا أذكر البند بالضبط ولكن أعتقد أنه عندما ستنشر المعاهدة فإن كثيرا من المخاوف ستتبدد.

سؤال هيئة الإذاعة البريطانية:

لقد تم صباح اليوم التوقيع على العقد التأسيسي لاتحاد المغرب العربي فهل بالإمكان أن نعرف المراحل المقبلة وبصفة عامة ما هو تقييم جلالتكم للدينامية الجديدة بمنطقة المغرب العربي وما هي حظوظها وحدودها.

جواب جلالة الملك:

نتمنى قبل كل شيء ألا تكون لها حدود وأن يكون الزمن وحده هو الذي يحدها. أما بخصوص حظوظها فأعتقد أننا وفرنا كل الأسباب التي تساهم في نجاح الاتحاد وأن تتم مباركة ميلاده.

ومساعدته على النمو في جو تسوده السعادة والحكمة، أما عن السرعة التي سيسير بها اتحاد المغرب العربي فمن الأكيد أنها ستكون هي السرعة التي نريد أن نعطيها له نحن. والمهم هو أن تكون هناك إرادة السير بشرعة ولكن باتزان وبطبيعة الحال لا يكفي السير بسرعة بل لا بد من الاتفاق أولا علة كيفية السير وثانيا ينبغي معرفة الوثيرة التي سنسير بها. والمهم كذلك هو أن نواصل السير كما ينبغي وملاءمة المسطرات الإدارية لتكون في نفس المستوى.

فمن المؤكد أن على حكومتنا أن تنشئ جهازا تشريعية فضلا عن أجهزة التعاون يقوم بدراسة النصوص الجاري بها العمل سواء تعلق الأمر بقوانين أو مراسيم أو قرارات أو دوريات لا تساير الدينامية والغاية المتوخاة. وكل هذا يتطلب بطبيعة الحال وقتا للتأمل والتفكير والعمل. ولكن أعتقد أننا إذا توصلنا إلى إقامة جهازين واحد للتأمل وضبط الأمور والآخر للدفع سيتبين لنا ما هو جاهز وما هو غير جاهز إنجازه بإتقان. وأعتقد شخصيا أنه من الآن وإلى غاية انتهاء فترة رئاستي للاتحاد التي ستدوم ستة أشهر لأننا قررنا أن تكون الرئاسة بالتناوب كل ستة أشهر سيتم القيام بأمور كثيرة وبصفة خاصة على صعيد تنقل الممتلكات والأشخاص وعلى المستوى الجمركي علما بأننا خطونا خطوات هامة في المجال الثقافي والتعليمي الذي وصل إلى مراحل متقدمة جدا وهو مجال هام كذلك.

وكما قلت لكم قبل قليل فقد وفرنا للاتحاد كل فرص النجاح أما الحدود فأمل ألا تكون ويبقى علينا الآن أن نواصل العمل بجد.

سؤال صحيفة (ايزفستيا) السوفياتية:

صاحب الجلالة لقد رأى اتحاد المغرب العربي النور في ظل تحولات كبرى يشهدها العالم بأسره وهي تحولات تتميز بروح الحوار وإنهاء النزاعات الجهوية من خلال إعطاء الأولوية للقيم الإنسانية والبحث عن السبيل التي يحب على البشرية أن تسلكها. فهل يمكن القول أن ميلاد هذا الاتحاد هو كذلك رد مغاربي على هذه التحولات وكيف ترى جلالتكم دور اتحاد المغرب العربي في هذا المجال.

جواب جلالة الملك:

أعتقد أن هذا الاتحاد المغاربي يشكل بالفعل ردا مشجعا على هذه التحولات الكبرى، وعندما أقول التحولات الكبرى أعني التحولات الكبرى على مستوى القوتين العظميين أي أن هذا يعني أن انفراج الذي تعره القوتان العظميان يجب أن يقوم كذلك بين أصدقائها. لذلك فكلما قامت الدول الأخرى أي الدول السائرة في طريق النمو أو الدول المتقدمة بإنشاء تكتلات خارج نفوذ القوتين العظميين كلما صعب عليهما أن تحققا الانفراج فيما بينهما وفي آن واحد خلق التوتر في مناطق أخرى.

وعموما فإن التكتلات الجهوية تشكل ضمانة أخرى لفائدة الانفراج فيما بين القوتين العظميين وهو انفراج سيشمل أصدقاءهما التقليديين.

وبالتالي لا يمكن لهاتين القوتين أن تحققا الانفراج في الظاهر وتواصلا الصراع في الخفاء.

إن هذا الانفراج ينبغي أن يتحقق من القمة إلى القاعدة وبين الكبار والصغار والمتوسطين ودل هذا لن يكون سوى في صالح الجميع.

سؤال: إذاعة البحر الأبيض المتوسط الدولية:

صاحب الجلالة غالبا ما ترد كلمتا البراغمانية والواقعية على ألسنة المسؤولين السياسيين المغاربيين وكذا على ألسنة المنعشين الاقتصاديين.

وأود لو سمحت لي بذلك جلالتكم أن أطرح سؤالين حول الروح الجديدة للواقعية والتضامن الغربيين. وسؤالي الأول يتناول الجانب الاقتصادي. فاعتبارا لتشعب قنوات الاتصال ما هي الآمال الحقيقية للتعاون والتنسيق بين الأعمال الاقتصادية في مواجهة التكتلات الإقليمية الكبرى.

أما سؤالي الثاني إذا سمحت جلالتكم فيتعلق بالروح الجديدة للواقعية السياسية. فيبدو أن التوقيع على عقد ميلاد المغرب العربي هو إن صح القول بمثابة “إعلان وفاة الجمهورية الصحرواية” أو على الأقل سيضع حركة “البوليساريو” الانفصالية في حجمها الحقيقي. وهل ترك قادة الدول الأربع الأخرى الأعضاء في اتحاد المغرب العربي لديكم الانطباع أنهم يعتبرون من الآن بأن هذه القضية مسألة مغربية محضة. فما هو موقع الانفصاليين في الانشغالات المغربية الراهنة.

جواب جلالة الملك:

لقد طلبتم منك في البداية أن تقتصر أسئلتكم خلال هذا المؤتمر الصحفي على القضايا المتصلة بموضوع المغرب العربي الكبير وألا تتطرق إلى القضايا الثانوية ومع ذلك سأجيب عن سؤالكم.

لقد أدليت بوجهة نظري خلال عدة أحاديث ومؤتمرات صحفية بشأن التكتلات الإقليمية والشروط التي يجب أن تتوفر فيها. وليس من الضروري أن يكون المرء عبقريا ليدرك بغض النظر عن المشاعر والروابط الأخوية ووحدة الدين واللغة أن التكتلات الإقليمية تستلزم حدا أدنى من التطابق أو التشابه على مستوى الأنظمة الاقتصادية والاجتماعية. لهذا لا يمكن تصور انضمام بلد من “الكومكون” مثلا إلى أوربا الغربية إذا لم يغير قوانينه. كما أنه لا يمكن أن يقبل بلد من السوق الأوربية المشتركة في حظيرة “الكومكون” إذا لم يغير قوانينه الاقتصادية والاجتماعية. وهذا ينطبق على جميع التكتلات الإقليمية. وأعتقد أننا إذا وجدنا في بعض الأحيان مثلا في الجامعة العربية وأسرتها الكبيرة بعض الصعوبات في أن نتفاهم فذلك لا يرجع أن لنا تحاليل مختلفة للمشاكل السياسية والمشاكل الجيوسياسية بل لأن تصوراتنا الجيوسياسية على الصعيد الاقتصادي وعلى صعيد المبادلات وعلى صعيد حرية تنقل الأشخاص والثروات والممتلكات لا تتضمن الإجماع الضروري والحيوي لإقامة تساكن يطبعه الانسجام.

ويعتبر هذا التفاوت في نظري مضرا كثيرا بالتكتلات الإقليمية ولقد قلت دائما أن النظام الاقتصادي الاجتماعي بالجزائر تفصله هوة عن النظام الاقتصادي والاجتماعي للمغرب وتونس ينبغي ملؤها أما عن طريق الدفع بالمغرب وتونس ولنقل الآن ليبيا وموريتانيا أيضا إلى الاقتراب من الجزائر على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي وأما عن طريق مطالبة الجزائر بأن تصبح أقل راديكالية على هذا الصعيد.

وأعتقد أن هذه المخاوف قد تبددت حاليا لأن رئيس الجزائر وشعبها أدركا تمام الإدراك بأن اندماج المغرب العربي وتحكم الجزائريين في مستقبلهم يتطلبان انفتاحا داخليا وبالتالي تعددية حزبية وجعل كل الأطراف تتحمل مسؤوليتها في تسيير شؤون البلاد سواء على الصعيد المحلي أو الوطني كما يتعين على الجزائر أن تجاري المستجدات على الصعيد الاقتصادي هذا ما جعل الرئيس الجزائري يطرح للاستفتاء- أي على إرادة الشعب الجزائري – تعديلا دستوريا يعتمد نمطا اقتصاديا واجتماعيا مختلفا تماما عن النمط السابق. وهكذا لم يأخذ المسؤولون الجزائريون وعلى رأسهم قائد الدولة بعين الاعتبار المصطلحات المغربية فحسب بل أخذوا بعين الاعتبار أيضا التطور الذي اكتسح العالم حاليا فيما يخص مفهوم الاقتصاد الليبرالي أو الاقتصاد الموجه.

وأنه ليسعدنا كثيرا أن نرى بجوارنا هذا البلد الشقيق الذي عاش مئة وثلاثين سنة من الاستعمار وسبع سنوات من الحرب والذي حرم من التمتع بالحريات الفردية والجماعية والاقتصادية والتجارية وهو قد حقق ما كان دائما دافع معركته من أجل التحرر والاستقلال. لذا أعتقد بأن المغرب العربي يتوفر حاليا على مقومات وعناصر كفيلة بتأسيس وإقامة كيان بإمكانه أن يحدث تناسقا بين اقتصاديته الذاتي قادرا على أن يصبح محاورا منطقيا لشركاه أو منافسيه في المستقبل. ونحن جميعنا جد متفائلين بالتطور الحاصل في وتيرة السير الذي نريد مواصلته ذلك أنه تم توقيع ودراسة العديد من الوثائق من قبل ونعتقد أنه بإمكاننا أن ندخلها حيز التطبيق في وقت قريب.

وبخصوص السؤال الثاني يمكنني القول أن هذه المسألة لم تكن قط موضوع جلسة عامة سواء كانت مغلقة أو علنية. قلم نتحدث أبدا نحن الخمسة عن هذا المشكل الذي أثرتموه ولكن لم يكن في مقدرونا أن نتجنب عنه خارج هذا الإطار ذلك أن هذا المشكل هو علة كل حال بمثابة شوكة في أرجلنا جميعا. وعندما تطرقنا إليه كان ذلك بنوع من المرارة حيث كنا نقول إنه كان بوسعنا تجاوز هذا المشكل الذي هو في الحقيقة مشكل مزعج إن لم نقل مشكلا مملا فنحن جميعا مغاربيون وكلنا إخوة ونريد إخوتنا أن تتقوى وبأقصى سرعة وفي كافة المجالات. إذن وبدون أية قيود معنوية كانت أو مادية تحدثنا عنه ليس من أجل إثارته أو تضخيمه أو إعطائه حجما أكبر مما يستحق ولكن تحدثنا عنه لنقول هلا تخلصنا من هذا الفخ.

وأعتقد أنه عندما يتفق جميع الشركاء بأن هناك شيئا ما يعق مسيرتنا آنذاك سنعمل كلنا على إزالة هذا العائق في أقرب الآجال. ولكن لا يمكننا القول بأنه يوجد من بيننا من هو أكثر نصرة من غيره لهذا المصير أو ذاك الذي ستكون عليه الصحراء.

سؤال: (لوليبرال):

يتضح من خلال مجلس التعاون لدول الخليج العربي ومجلس التعاون العربي واتحاد المغرب العربي الذي أعلن عن إنشائه اليوم أن العالم أصبح يتجه شيئا فشيئا نحو تكوين تجمعات كبيرة. ويلاحظ من المحيط إلى الخليج أو من مراكش إلى البحرين أن العالم العربي ينتظم في عدة هياكل. فهل تعتقد جلالتكم أن الإمكان أن تتوحد هذه الهياكل في يوم. وفي رأي جلالتكم كيف ستنظر الدول العظمى إلى ذلك.

جوال جلالة الملك:

من المؤكد أو الآونة الأخيرة التي شهدت ظهور مرض فقدان المناعة المكتسبة السيدا ومختلف أنواع الزكام التي تتغير وتضر بصحة البشرية شهدت كذلك ظهور جرثومة مباركة للسلم والوفاق والتكتل الجهوي والتفاهم. ولا يسعنا إلا أن نعبر عن ارتياحنا لذلك.

فإذا كنت تتحدثين عن اختلافات في الهياكل الداخلية فيما يخص البلدان المنتمية لهذه التجمعات فقد سبق أن قلت رأيي في الموضوع وهو أن التناقضات الاقتصادية والاجتماعية بين شركاء يريدون إنشاء شركة أو جمعية تكون أحيانا تناقضات قاتلة. وإذا ما كانت هذه التباينات في الأنظمة السياسية فقط فإن أوروبا مكونة من ملكيات دستورية كما هي مكونة من جمهوريات.

أما إذا كانت فوارق جغرافية يحكمها المناخ والجوار والمبادلات التجارية وغيرها فأعتقد أنه أصبح بإمكان البشرية بفضل وسائل المواصلات السلكية واللاسلكية ووسائل النقل السريعة وبفضل التقدم الذي حققناه بعون الله تجاوز هذه الفوارق الجغرافية وتحقيق بيننا. فالدول العظمى هي نفسها ترتبط مصالحها بعدد من التجمعات الدولية ولا تخامرها إلى فكرة واحدة في الظرف الرهن وهي نزع السلام النووي ومحاولة مواجهة المشاكل الكبرى التي سنعيشها والتي نجهلها ولكنها لا تجهلها وهي مشكل طبقة الأوزون وارتفاع درجة حرارة الأرض ومشكل التلوث الذي تعاني منه الدول العظمى أكثر من غيرها.

وأعتقد أن العشر سنوات المقبلة أن لم تكن العشرين سنة المقبلة ستكون سنوات هدوء وانسجام وسلم وسكينة. ولا يمكننا في الختام إلا أن نعبر عن ارتياحنا لكون جرثومة التجمعات هي جرثومة معدية. ونأمل أن يشهد العالم العربي هو كذلك ميلاد تكتلات جهوية وهو الأمر الذي سيضفى قيمة أكثر أهمية على جامعة الدول العربية وسيدفعنا إن شاء الله إلى إعادة النظر في ميثاق الجامعة العربية. وأعتقد أننا إذا لم نراجع ميثاق جامعة الدول العربية فإنه لن يكون بإمكاننا مواجهة مشاكلنا الذاتي ومشاكل محيطنا.

سؤال: جديرة (المجاهد).

صاحب الجلالة…من بين الأهداف التي يتوخاها اتحاد المغرب العربي تحقيق مبدأ حرية تنقل الأشخاص والممتلكات وحتى رؤوس الأموال. ألا ترون يا جلالة الملك بأن التنمية غير المتوازنة ببلدان المغرب العربي قد تعيق تحقيق هدف الاندماج والتكامل الاقتصادي بالمنطقة وكذا التوازن الاجتماعي الذي توخاه الاتحاد.

سؤال آخر لو سمحت جلالتكم..هل تعني إقامة اتحاد المغرب العربي إعطاء الأسبقية في المستقبل للعلاقات المتعددة الأطراف على حساب العلاقات الثنائية.

جواب جلالة الملك:

ينبغي في رأيي أن نتفق على مبدأ أو مبادئ أساسية سواء في نهاية الفترة الرئاسية الحالية أو في بداية الفترة الرئاسية المقبلة. فأوروبا حرصت في البداية كما تعلمون على القيام بجرد لإمكانيات وخصوصيات كل طرف قبل أن تحدد هدفها في تحقيق السوق الأوروبية الكبرى وذلك بهدف استثمار واستغلال المجالات الأكثر تقدما ببعض البلدان في انتظار أن تتمكن باقي البلدان من الالتحاق بالركب في هذا الميدان أو ذاك مع العمل على ألا هناك تفاوت بل نوع من التساوي بين الأعضاء كل في قطاع معين سواء في مجال الفلاحة أو الصناعة أن النسيج وغيرها. إذن قبل التفكير في أنه باستطاعتنا أن نتوفر على إنتاجات تكون قادرة على المنفسة وليست منافسة داخل السوق بإمكاننا أن نتوفر على تخطيط أفقي وليس عمودي يمتد من نواكشوط إلى طرابلس. يتعين علينا أن نقوم بجرد لممتلكاتنا وثرواتنا وللمسائل التي عرفت تطورا لدى هذا الطرف أو ذلك وللقطاعات التي تتطلب الدعم والتشجيع. وأعتقد إذن أن هذه التفاوتات بدل أن تشكل عرقلة في وجه الجماعي ستكون نبراسا مضيئا هاما جدا لأنه من الأكيد أن هناك صعوبات ينبغي تحديدها للتغلب عليها وهذه مهمة موكولة للخبراء سواء منهم خبراء الدولة أو الخبراء الخواص. ولذلك نشجع اللقاءات بين مجموعات الخواص. ولذلك نشجع اللقاءات بين مجموعات الخواص سواء منها الأبناك أو شركات التأمين أو مقاولات الصناعات الصغرى والمتوسطة والكبرى.

وأعتقد شخصيا أنه ينبغي تلمس التفاوتات وإبرازها وإظهار الاختلالات القائمة في مختلف القطاعات. فبمعرفتنا لنقاط الضعف عند هذه الجهة أو تلك نستطيع أن نخطط بشكل أفضل لتحقيق تساو لا يكون معيقا لتقدم بلداننا بل تساويا طموحا وقادرا على المنافسة.

وفيما يتعلق بسؤالكم الثاني أعتبر كأشقائي قادة الدول المغاربية أن العلاقات الثنائية المتميزة بفعل عامل الجغرافيا أو بفعل عوامل أخرى تعتبر حافزا إضافيا وإيجابيا بالنسبة للاتفاقيات المتعددة الأطراف. فتونس تعقد حاليا اتفاقيات هامة مع ليبيا وكلما اندمج هذان البلدان على الصعيد الفكري وعززنا تعاونهما كلما كان ذلك إيجابيا بالنسبة لنا. والمغرب والجزائر بحثا ويبحثان حاليا العديد من المعاهدات ويعملان على حل مشاكلهما وتحديد مجالا التعاون العديدة بينهما. فكلما تدعم هذا التعاون كلما ساهما بطاقات وإمكانيات جديدة كما هو الشأن بالنسبة لموريتانيا والمغرب مثلا ولقد أدرك قادة البلدان المغاربية الذين اجتمعوا هنا بمراكش تمام الإدراك هذا التعاون وشجعوه. إذن فالتعاون الثنائي والتعاون المتعدد الأطراف يكمل أحدهما الآخر”.

Short Link

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.