الخطاب الملكي…بمناسبة…المسيرة الخضراء

editor
LAAHAY Den Haag Pers
editor6 فبراير 2025آخر تحديث : منذ شهرين
الخطاب الملكي…بمناسبة…المسيرة الخضراء

عبد الرحيم الفقير الادريسي  في مدونات  Pers  : بالعربية والفرنسية والهولندية                  telegraafmpers@gmail.com … Aljazirapress@yahoo.nl

**********************

الخطاب الملكي…بمناسبة…المسيرة الخضراء

 الرحيم الفقير الادريسي Pers 402 lamarche verte 24  - TelegraafM

  2001

بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لانطلاق المسيرة الخضراء المظفرة وجه صاحب الجلالة الملك مولانا أمير المؤمنين محمد السادس نصره الله وأيده خطابا ملكيا ساميا إلى الأمة المغربية، وذلك مساء يوم الثلاثاء 19 شعبان 1422هـ موافق 6 نونبر 2001م من رحاب القصر الملكي العامر.

وكان جلالته – أثناء إلقائه للخطاب الملكي السامي – محفوفا بصاحب السمو الملكي الأمير الجليل مولاي رشيد حفظه الله.

وقد نقل الخطاب الملكي السامي مباشرة على أمواج الإذاعة وشاشة التلفزة.

الحمد لله

والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه

شعبي العزيز:

في مثل هذا اليوم المجيد من سنة 1975 عاشت بلادنا الحدث التاريخي العظيم لانطلاق المسيرة الخضراء المظفرة التي جسدت الالتحام الدائم بين العرش والشعب. والتعبئة الوطنية الشاملة وراء والدنا المنعم جلالة لملك الحسن الثاني قدس الله روحه، الذي جعل منها في الواقع مسيرتين متكاملتين: مسيرة استكمال وحدة التراب الوطني التي كللت باسترجاعنا لأقاليمنا الصحراوية، ومسيرة استكمال البناء التنموي والديمقراطي.

وقد آلينا على نفسنا منذ اعتلينا عرش أسلافنا الميامين مواصلة استكمال وترسيخ ما حققه والدنا المنعم طيب الله ثراه من مكاسب وطنية ودولية في هاتين المسيرتين سائرين على نهجه القويم في اعتماد توطيد الديمقراطية واللامركزية والجهوية، والتمسك بفضائل الإجماع الوطني حول الوحدة الترابية والتضامن، لتدارك ما فوته الاستعمار على رعايانا الأوفياء في الصحراء من لحاق بركب التنمية الشاملة للمغرب الحر الموحد.

وإن من حق الشعب المغربي وهو يحتفل اليوم بالذكرى السادسة والعشرين لعودة صحرائنا إلى حظيرة الوطن الأم أن يعتز بكون الجهود الجبارة والحثيثة التي بذلها، قد أثمرت منجزات تنموية هائلة جعلت أقاليمنا الصحراوية تضاهي الجهات المتطورة من ربوع مملكتنا.

وهكذا عبدت آلاف الكيلومترات من الطرق، وزودت تلك لأقاليم بموارد قارة للماء الشروب، وجلب المياه الضرورية للسكان عن طريق تحلية مياه البحر. وحفر الآبار، وبنيت موانئ ومطارات متعدد، وتمت كهربة المدن والقرى مع ربطها بالشبكة الوطنية، وأقيمت وسائل المواصلات السلكية واللاسلكية، وشيدت المدن والآلاف من المساكن على امتداد أقاليم العيون وبوجدور والسمارة والداخلة وأوسرد، كما بنيت العديد من المؤسسات التعليمية، وأطلقت مجموعة من المشاريع الاستثمارية، وأحدثت الكثير من المقاولات من طرف أبناء المنطقة وشبابها.

وما كان لهذه الجهوية التنموية أن تحقق أهدافها لولا الأمن والاستقرار اللذان تنعم بهما هذه الأقاليم بفضل الجهود المستميتة، والتحصينات الدفاعية التي قام بها المغرب للذود عن حوزته، ونشر الأمن والطمأنينة في ربوع صحرائه، والتي اضطلعت بها القوات المسلحة الملكية والدرك الملكي والأمن الوطني والقوات المساعدة المرابطة بهذه الأقاليم بكامل التفاني والإخلاص مما يجعلها تستحق منا ومنك – شعبي العزيز – كل الإشادة والتقدير.

شعبي العزيز:

إذا كنا قد تمكنا بعون الله وتوفيقه من تحقيق العديد من المنجزات في مسيرة توفير العيش الكريم والأمن لرعايانا الأوفياء بأقاليمنا الصحراوية فإن هنالك الكثير الذي ما يزال ينتظر منا القيام به.

فما الذي يتعين علينا إنجازه بعد أن أرسينا البنيات والتجهيزات التحتية الأساسية…

وأي مستقبل نريده لمناطقنا الصحراوية، ويتطلع إليه أبناؤها كفيل بجعلها تتبوأ المكانة المتميزة التي نتوخاها لها في مغرب التنمية المستديمة والديمقراطية الحقة التي تعتبر الجهوية إحدى ركائزها الأساسية…؟

إننا عازمون على توطيد الجهوية بمنظور للتنمية الجهوية المتوازنة لا يختزلها في مجرد هياكلها وأبعادها الإدارية والمؤسساتية والثقافية، بل يعتبرها فضاء خصبا للتنمية الشاملة والمتواصلة بالجهة ومن أجلها.

وقد ارتأينا أن يكون الشروع في تفعيل هذا المنظور في جهتي جنوب المملكة وشمالها بكيفية تراعي خصوصياتهما ضمن مخططات للتنمية الجهوية المندمجة.

وهكذا قررنا أن يرتكز المخطط التنموي لأقاليمنا الصحراوية العزيزة الغنية برجالاتها ونسائها الأوفياء على تنمية قطاعات الصيد البحري والاستثمار العقلاني للثروات المعدنية. والصناعة التقليدية، والسياحة، وتربية المواشي، مع إيلاء كامل العناية للتربية والتكوين والثقافة والبيئة في ارتباط بالتنمية الاقتصادية وتشغيل الشباب، وكذا توسيع المبادلات التجارية مع جيراننا الأشقاء في موريتانيا والبلدان الإفريقية المجاورة.

وسنشرف بنفسنا على تتبع إعداد مشروع مخطط للتنمية المندمجة للأقاليم الصحراوية، حريصين على أن يتم بتشاور واسع وشفاف مع أبناء المنطقة بمجالسها المنتخبة، وشبابها، وفعالياتها، وجمعياتها، ونخبها، الفكرية والاجتماعية.

وانطلاقا من حرصنا الأكيد على أن لا يتحول هذا المخطط إلى مجرد مشاريع وقرارات نظرية، فإننا سنسهر على حسن إعداده، وضمان وسائل تمويله، وتوفير أدوات تنفيذه، وآليات تقويمه المستمر.

اعتبارا لما نشمل به رعايانا الأوفياء بأقاليمنا الصحراوية من سابغ رضانا، وفائق عنايتنا لما أبدوه على مر التاريخ الوطني من مقاومة للمؤتمرات الاستعمارية والانفصالية، ومن تشبث بمقدسات وطنهم ووحدته، ملتفين حول العرش العلوي المجيد، فإننا سنجعل من مخطط التنمية لأقاليمنا الصحراوية مثالا يحتذى به في التنمية الجهوية المندمجة الرامية إلى توفير المزيد من أسباب العيش الكريم لسكانها المرابطين فوق ترابهم الوطني واستقبال المستجيبين لدعوة وطنهم الغفور الرحيم.

شعبي العزيز:

لقد جعلنا من التشبث بمبادئ الحوار، والاعتدال، والسلم، وحسن الجوار، والاحتكام للشرعية الدولية، السبيل الأمثل للطي النهائي للنزاع المفتعل حول استرجاعنا المشروع لأقاليمنا الجنوبية.

وقد أبان المغرب عن حسن نية، وإرادة سياسية واضحة وقوية للتعاون مع المجتمع الدولي لتجاوز المأزق الذي جعل مخطط التسوية الأممي غير قابل للتطبيق بفعل العراقيل التي افتعلها خصوم وحدتنا الترابية.

وفي هذا السياق كان تعامل بلادنا الإيجابي مع مشروع الاتفاق – الإطار – الذي حظي بتنويه ودعم المجتمع الدولي، والذي اقترحه بكل مسؤولية السيد “جيمس بيكر” الممثل الخاص للسيد “كوفي عنان” الأمين العام للأمم المتحدة باعتباره فرصة حقيقية في نطاق المشروعية الدولية لإيجاد حل سياسي نهائي للنزاع المفتعل حول مغربية صحرائنا.

وإن المغرب القوي بقدسية الإجماع الوطني حول وحدة ترابه الوطنية الذي لن يفرط في شبر واحد منه، قد قبل هذا الحل السياسي ما دام يلتزم بالاحترام التام لسيادتنا الوطنية ووحدتنا الترابية، ويندرج في خصوصيات نظامنا الجهوي واللامركزي المتطور، وفي نطاق احترام المبادئ الديمقراطية.

وإننا لنتطلع إلى أن تتعامل جميع الأطراف المعنية بروح إيجابية مع هذا المسار الذي حظي بالإجماع الدولي، آملين أن يمكن من إنهاء هذا النزاع المفتعل، وخلق مناخ من التعاون والتكامل والصفاء في منطقة المغرب العربي التي ما أحوجها لتعبئة قدراتها ومواردها المشتركة لرفع ما يواجهها من تحديات وبناء غد آمن وأفضل للأجيال الصاعدة.

ومهما كانت تطورات ملف الطي النهائي للنزاع المفتعل حول مغربية صحرائنا فإن المغرب المتشبث بوجوده على أرضه، الواثق بسيادته عليها، سيواصل مسيرة التنمية الشاملة لأقاليمه الصحراوية، معتمدا في ذلك أوسع معاني وممارسات الديمقراطية، وأعلى درجات الجهوية واللامركزية، وعدم التمركز، وأوثق روابط الوحدة، ومقومات السيادة الوطنية.

فلنتستلهم من هذه الذكرى الخالدة روح الالتحام والعطاء المستمر من أجل مغرب تشكل فيه مختلف جهات المملكة فضاءات دينامية للتنمية المستديمة، وممارسة الديمقراطية المحلية، وإبراز الخصوصيات الثقافية وتحقيق الازدهار الاقتصادي والاجتماعي في ظل الوحدة والتضامن، سائلين الله أن يمدنا بالعون والسداد في مواصلة مسيراتنا الديمقراطية والتنموية من أجل مستقبل متقدم ومشرق لهذا البلد الأمين.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.