عبد الرحيم الفقير الادريسي في مدونات Pers : بالعربية والفرنسية والهولندية telegraafmpers@gmail.com … Aljazirapress@yahoo.nl
**********************
المزيد من التقدم والرفاهية للبلدان الاروبية ومزيد من التخلف والتبعية للبلدان النامية
يتساءل المرء كيف يمكن أن تمتلك بلدان العالم الثالث الثروات المعدنية والزراعية الهائلة بينما تضطر الملايين من سكان هذه البلدان الى الهجرة والانتقال إلى أماكن أخرى نتيجة ما تعاني من نقص من الغذاء وعدم القدرة على إشباع الحد الأدنى من احتياجاتها الضرورية .فمن المؤسف جدا أن نسجل بمرارة بان العمال المهاجرين في اروبا يتعرضون منذ السبعينات الى شتى انواع التمييز وسلب الحقوق وامتهان الكرامة والكراهية والعنصرية والأذى النفسي والفكري وللاستفزازات بل والتصفيات الجسدية أحيانا والتهميش غالبا ، فنصيبهم الاتهامات بكل ما هو سيء فهم مقدر عليهم أن يتحملوا كل الاساءات بكل أشكالها حاملين تبعة أزمة قطاع الشغل الناجمة عن الاضطراب الذي يسود القطاعات الاقتصادية ..لقد كان هؤلاء العمال وبلدانهم الضحية الأولى للنظام الاقتصادي وتقسيم العالم إلى مناظق نفوذ بين الدول الصناعية الكبرى .. فهل يجوز أن تتحمل الضحية انعكاسات مساوئ هذا النظام وتبعة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عنه .أمَا كان يجدر بالمجتمع الاروبي أن يبحث عن بواعث الازمة ومسبباتها ايجاد الحلول المناسبة لها في إطار الواقع والعقلانية والعدالة ؟ هل يجوز أن تلقى قضايا هؤلاء العمال اللامبالاة وقلة الاهتمام من قبل المؤسسات الرسمية وغير الرسمية بالرغم من تردي أوضاعهم ؟ فالمهاجرون أعنوا بقوة عملهم وبعرقهم ودمائهم اقتصاد البلدان الاروبية التي يعيشون فيها مثلما أغنوا المفاهيم الحضارية الاروبية بثقافتهم وقيمهم الانسانية ضمن أبسط مفاهيم العدالة ألا يحق لهم أن يعترف لهم بمكانتهم وبحقوقهم الانسانية ؟ والواضح أنه خلال النصف الثاني من القرن العشرين تزايدت معدلات الهجرة بنسبة عالية ولو اختلفت من حيث الاسباب والدوافع بنحو 20 مليون نسمة ويعيشون حوالي 5 ملايين من هؤلاء داخل الولايات المتحدة الامريكية و 6 مليون نسمة داخل أروبا الغربية و 4 ملايين داخل منطقة الشرق الاوسط وهذه التقديرات تمثل بداية السبعينات .ويلاحظ كذلك ارتفاع معدلات الهجرة الى البلدان النفطية جنوب آسيا وبعض بلدان أروبا الشرقية وشمال افريقيا .وعليه فقد استفادت الدول الغربية استفادة هائلة من هذه الموجات المتتابعة للهجرة .. فالهجرة الأولى من الشمال إلى الجنوب مكنت من الاستنزاف لقدر هائل من الثروات للبلدان التي هي في طريق النمو .. كما أن الهجرة المعاكسة من الجنوب الى الشمال حققت هي الأخرى ثروات ضخمة للاقتصاد الغربي ذو السمة الرأسمالية الاروبية وذلك على حساب البلدان النامية .ورغم أن تحويلات العمال المهاجرين ارتفعت إلاأن خسارة هذه البلدان نتيجة فقدها لاعداد هائلة من العمالة الفنية المدربة والعقول المهاجرة تفوق هذه الزيادة في التحويلات والمحصلة النهائية لذلك كله هي المزيد من التقدم والرفاهية للبلدان الاروبية ومزيد من التخلف والتبعية للبلدان النامية .
المصدر : https://telegraafm.com/?p=17252