خطاب عيد العرش 30 -7-2007

editor
AMSTERDAM PersRETTERDAM PERS
editor3 فبراير 2025آخر تحديث : منذ شهرين
خطاب عيد العرش 30 -7-2007

عبد الرحيم الفقير الادريسي  في مدونات  Pers  : بالعربية والفرنسية والهولندية                  telegraafmpers@gmail.com … Aljazirapress@yahoo.nl

****************************

النصالكامل لخطاب صاحب الجلالة بمناسبة عيد العرش طنجة30 -7-2007

“الحمد لله، والصلاةوالسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه شعبي العزيز، نخلد اليوم، الذكرى الثامنةلاعتلائنا العرش، في مرحلة تاريخية، حافلة بإصلاحات عميقة، وقضايا مصيرية. وفي سياقتحولات متسارعة، وتحديات، لا سبيل لرفعها إلا برؤية شمولية واضحة، وبالتخطيط المحكمللأسبقيات الملحة. والاستمرارية في تعزيز ما تحقق من منجزات. والنهوض بالإصلاحات،التي لا مناص منها، لبناء مغرب المستقبل. مغرب المبادرات والإنجازات، والأوراش وكسبالرهانات، مهما كان حجم التحديات. سبيلنا انتهاج المقاربة الديمقراطية، التشاركية،في اعتماد على الذات وعلى مواردنا البشرية، التي هي أفضل نعمة يمكن أن يطلبهاالإنسان من خالقه. وإني أخاطبك، بصفتي أميرا للمؤمنين، مؤتمنا على قيادتك، بالبيعةوالدستور. كما أتوجه إليك، باعتباري ملكا – مواطنا أستشعر الانشغالات الحقيقية لكلمغربي ومغربية، من خلال تفقدي الميداني لأحوالهم. وهو ما يجعلني حريصا، في نفسالوقت، على التوجهات الكبرى، والانشغالات اليومية للمغاربة قاطبة. ضمن نسق متكاملمن الأسبقيات، لتعزيز الإصلاحات البنيوية المنجزة، وتسريع التفعيل الأمثل لتلك التيهي في طريق الإنجاز، والنهوض بأخرى جديدة. شعبي العزيز، تعرف قضية وحدتنا الترابيةمنعطفا حاسما، أفرزتـه المبادرة المغربية للتفاوض، بشأن تخويل أقاليمنا الجنوبيةحكما ذاتيا، في إطار سيادة المملكة، ووحدتها الوطنية والترابية. وإننا لمرتاحونلموقف مجلس الأمن، والأمم المتحدة، في دعمها لمبادرتنا، ووصفها بالجدية والمصداقية،ولكل رعاية أممية مسؤولة وبناءة، للتفاوض الجاد والصادق بشأنها. كما نشيد بالقوىالفاعلة في المنتظم الدولي، والبلدان الشقيقة والصديقة، التي ساندتها. وهو ما جعلهاتفرض نفسها على الأجندة الدولية. باعتبارها، شكلا ومضمونا، نمطا حديثا لتقريرالمصير، مطابقا للشرعية الدولية غير المغلوطة. ونود التأكيد، باسمك شعبي العزيز،على عزم المغرب الصادق على التفاوض الجاد، على أساس أمرين: أولهما أن بلادنا قدشاركت بحسن نية، في الجولة الأولى من المفاوضات. والمغرب على استعداد دائم للتفاوضعلى الحكم الذاتي فقط، كل الحكم الذاتي، ولاشيء غير الحكم الذاتي. وثانيهما، أنالحكم الذاتي المتوافق حوله، لن يكون إلا في إطار سيادة المملكة المغربية الكاملةوالدائمة، غير القابلة للتصرف، والتي لا مساومة فيها. ووحدتها الوطنية المتلاحمة،التي لا تفريـط فيها. وحوزتهـا الترابية غير القابلة للتجزئة. ومهما يكن مسارالمفاوضات شاقا وطويلا، فإن يدنا ستبقى ممدودة إلى كل الأطراف الحقيقية، المعنيةبالتسوية السياسية لهذا النزاع المفتعل، لإقناعها بالفرصة التاريخية، التي تتيحها. غايتنا جعلها انتصارا لجميع الأطراف، وللحق والمشروعية، وفرصة لتغليب روح الأخوةوحسن الجوار، والوحدة المغاربية. وإننا لواثقون من كسب مسار تقرير المصير التوافقي،بعون الله، وبفضل الإجماع الوطني، بمشاركة جميع الصحراويين، دونما إقصاء أو تمييز. داعين كافة رعايانا الأوفياء، أبناء الصحراء المغربية، المغتربين عن الوطن، أينماكانوا. ولا سيما المحاصرين بتندوف، للعمل على توسيع انخراط كل إخوانهم، في هذهالمبادرة المحققة لمصالحتهم ولمِّ شملهم، وصون كرامتهم. وفي هذا السياق، نتوجهبعبارات الإشادة والتقدير، لقواتنا المسلحة الملكية. ولاسيما تلك المرابطةبأقاليمنا الجنوبية. مؤكدين لهـا سـابغ رضانا. واعتزاز الشعب المغربي بصمودها،وبتضحياتها، في سبيل صيانة وحدة الوطن. وسنظل حريصين على النهوض بالأوضاعالاجتماعية، لكل فئاتها، بما فيها المتقاعدون. ولتعزيز التحول الإيجابي، الذيأفرزته هذه المبادرة الواعدة، فإننا مطالبون بدعمها بمبادرات ديمقراطية وتنموية، فيإطار استراتيجية شمولية. علاوة على التعبئة الجماعية، وتمتين الجبهة الداخلية. فالمبادرة غرس طيب، علينا أن نتعهده بالرعاية المستمرة. وسيلتزم المغرب بكل اتفاقسياسي على أساسها، مع جميـع الأطراف الفعلية. وكيفما كان الحال، فلن يكون المغربرهينة لحسابات الغير. بل سيمضي قدماً في تطوره السياسي. سلاحنا الذي لا تحده قوة،هو رصيدنا الديمقراطي الثمين، والذي يحق لنا الاعتزاز بـه كنموذج متقدم في منطقتنا. وفي هذا السياق، فإن على الجميع أن يجعل من انتخاب مجلـس النواب المقبل، موعداجديدا لترسيخ الممارسة الديمقراطية المألوفة. وتجسيد إرادتك الحقيقية، وإفرازأغلبية حكومية ذات مصداقية ومعارضة فاعلة وبناءة، على أساس برامج ملموسة وهادفة،وليس شعارات فارغة مبتذلة للإصلاح والتغيير. فمن شأن ذلك أن يفضي إلى مزايداتعبثية، شعارها: “إصلاح الاصلاح وتغيير التغيير”. وستجدني، شعبي الوفي، دوما فيمقدمة المتصدين لكل خطاب مشكك في جدوى الانتخابات والأحزاب الوطنية. وكذا لكلالممارسات المغرضة، التي تستهدف مصداقيتها. فما بلغناه من نضج سياسي، يقتضي نبذالمفاهيم الخاطئة العدمية والتضليلية لحرمة الاقتراع. فالانتخابات ليست صراعاً حولهوية الدولة أو مقومات نظامها. من إسلام وسطي منفتح، وملكية دستورية، ووحدة وطنيةوترابية، وديمقراطية اجتماعية. فتلكم ثوابت تعد محط إجماع وطني راسخ. ولا وجودلدولـة بدون ثوابت ومقدسات. كما أن جوهر الاقتراع، لا يكمن في التنافس حولالاختيارات الكبرى للأمة، التي هي موضع توافق وطني، وعماد التطـور العصري. كدولةالقانون والمؤسسات، والمواطنة القائمة على الالتزام بحقوق وواجبات الإنسان،والليبرالية الاقتصادية، والمبادرة الحرة، والتضامن والعدالة الاجتماعية، والانفتاحعلى العالم. وهو ما نحن مؤتمنون على استمراره مهما تغيرت الظرفيات. وذلك في نطاقمنظورنا للملكية المواطنة. وحتى لا تتحول ثوابت الأمة وخياراتها إلى مجرد شعارات؛فإننا نسجل بارتياح التوجه الجديد للأحزاب الجادة. وهذا هو الأهم، لطرح برامجانتخابية محددة وواضحة. وذلكم هو المجال الفسيح لجدوى الانتخابات، المفتوحة أمامتنافس الهيئات الحزبية، وتحديد أسبقيات الولاية التشريعية القادمة لحسن تدبير الشأنالعام ، وفق الاختيار الشعبي الحر. وهنا أريد التأكيد أن النظام الذي ارتضيناه، هوالملكية الفاعلة، التي لا تختزل في مفهوم أو سلط منفصلة تنفيذية، أو تشريعية أوقضائية. إنها الملكية المغربية الأصيلة التي عززناها بالمواطنة التنموية، في التزامبمشروعيتها، الدينية والتاريخية والدستورية والديمقراطية، ووفاء لكفاحها الوطني،وتضحياتها من أجل سيادة الوطن ووحدته وتقدمه، وما يميز شعبها وعرشها من تجاوب عميق. ومهما كانت مشروعية الديمقراطية النيابية التقليدية، فإننا نرى من الضرورياستكمالها بالديمقراطية التشاركية العصرية. الأمر الذي يمكننا من الإفادة من كلالخبرات، الوطنية والجهوية، والمجتمع المدني الفاعل، وكافة القوى الحية للأمة،ومشاربها وتياراتها، أيا كان موقعها، والتي لها مكانتها لدى جلالتنا، ورأيهاالمحترم في الشأن العام، في نطاق سيادة القانون ودولة المؤسسات. وهذا ما يشملالقضايا المصيرية للأمة. وفي جميع الأحوال، فإننا ملتزمون بعرض مقترحاتها علىالمؤسسات الدستورية، والهيئات المختصة، للبت فيهـا. كما ننتظر من أحزابنا الوطنية،إبراز نخب مؤهلة لحسن تدبير الشأن العام، والمساءلة والمحاسبة على حصيلة أعمالها. ومن هنا أعول عليك شعبي الوفي، في استشعار جسامة المسؤولية الملقاة عليك، في حسناختيارك لممثليك، من خلال انتخابات نزيهة، سيكون لنا موعد قريب للوقوف معك، على مايلزم لجعلهـا محطة هامة، للمضي قدما من أجل تتويج الإصلاح المؤسسي التدريجي بتغييرشامل وأسمى. بيد أن هذا لا ينبغي أن يحجب عنا وجوب إعطاء الأسبقية، في المرحلةالراهنة، لمسألتين ملحتين: أولاهما، دعم ومواكبة الدينامية الإيجابية، التي خلقتهامبادرة الحكم الذاتي، في تعبئة شاملة لخوض المراحل المقبلة. والثانية: كسب رهانالاستحقاقات الانتخابية القريبة، لإفراز مشهد سياسي معقلن وسليم. عماده أغلبيةمنسجمة، تنبثق عنها حكومة متراصة. حكومة فعالة، قائمة على أقطاب محددة، متكاملةوناجعة، وفق أولويات السياسة العامة للبلاد. وليس مجرد اعتبارات سياسوية ضيقة، أوحسابات عددية. فمجالات العمل السياسي النبيل واسعة. ولا تنحصر فقط في الفوز بمقعدبرلماني، أو منصب حكومي، بل تشمل المجال الفسيح والأقرب للمواطن، من خلال الصلاحياتالواسعة المخولة للجماعات المحلية. سواء كانت من الأغلبية أو من المعارضة، بفعلالانتخابات التي تمكنها من سلطة فعلية في تدبير شؤونك اليومية. شعبي العزيز، إنتحصين مكاسبنا الديمقراطية، رهين بمواصلة مسارنا التنموي، وتوطيد الأمن والاستقراروإدارة القرب. وفي هذا الصدد، فإننا حريصون على إعطاء دفعة قوية للمشاريع الواعدة،للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، باعتبارها ورش عهد مفتوح باستمرار. وسنظلساهرين، ميدانيا، على المتابعة والتقويم المستمر، لحسن إنجاز مشاريعها. ولن نسمحبأي توظيف مغرض أو مصلحي، يحولها لمجرد شعار أجوف. فهدفنا الأسمى ينبغي أن يظلالنهوض بأوضاع الفئات، التي تعاني آفات الفقر والأمية، والتهميش والإقصاء، بما يكفلتحصينها من نزوعات التطرف والانغلاق والإرهاب. وفي هذا الصدد، نجدد التأكيد أنالجميع مسؤول عن تحرير الطاقات الخلاقة والمتنورة للشباب، واستثمارها في الأعمالالخيرة. بدل تركها لقمة سائغة للظلاميين، الذين يشحنون ضعاف النفوس والعقول، بحملهاعلى الأفعال الانتحارية، المحرمة شرعا وقانونا. وفي هذا السياق، نجـدد تنويهنابالإدارة الترابية، وبأسرة الأمن الوطني، والدرك الملكي، والقوات المساعدة،والوقاية المدنية، مؤكدين موصول عنايتنا بكافة الساهرين على شؤون الدفاع والأمن. رعاية منا لأوضاعهم الاجتماعية، وتكفلا بأسرهم، بما هو جدير بتضحياتهم، في سبيل أمنالمواطنين وحوزة الوطن. كما نعتز بما أبانوا عنه من يقظة وتعبئة وتفان، في التصديللأفعال الإجرامية، من عدوان وإرهاب وترهيب. ونود الإشادة بروح المواطنـة المسؤولة،التي أبداها المواطنون والمواطنات. إيماناً منهم بأن الأمن شأن المجتمع بأكمله. واثقين أن الإرهاب المقيت، لن ينال من توجهنا ، الذي لارجعة فيه. حريصين عـلى تجفيفمنابعه، باعتماد مقاربة شمولية، متعددة الأبعاد، تقوم على تعزيز الأمن الوطني، الذيأمرنا بمده بالوسائل المادية والبشرية اللازمة، في تكامل للعمل التنموي، مع الإبداعالثقافي والفكري، كفاعل قوي، في محاربة التطرف والظلاميين. مؤكدين ضرورة نهوضالعلماء، والمثقفين وهيآتهم، بمسؤولياتهم في التوجيه والتنوير. وإذا كان من طبيعةالفكر أن يمر بفترات مد وجزر، فإنه من غير المقبول جعل أزمة الفكر تترك المجالفارغا للترويج لفكر الأزمة. فبلادنا في أمس الحاجة، لبعث صحوة دينية متنورة، ونهضةفكرية عصرية. شعبي العزيز، لقد حققنا العديد من المكاسب، فـي إنجاز المشاريعالمبرمجة، في القطاعات التي توافرت للحكومة فيها رؤية واضحة. مما جعل المغرب يصبح،ولله الحمد، ورشا كبيرا، تنتشر في ربوعه المشاريع الهيكلية، الوطنية منها والجهويةوالمحلية. وما كان لنا لنحقق ذلك، لولا ثقة المواطنين والمستثمرين، والمصداقية التييحظى بها المغرب لدى شركائه الأجانب، بفضل التزامه بالحكامة الجيدة. ولدعم هذهالمكاسب، على الجميع أن يشمر على ساعد الجد وقوة الإرادة، لاستكمال الإصلاحاتالمنجزة والجارية، بإطلاق أوراش حيوية أخرى. ودعم المبادرات الحرة، بتشجيع وتحفيزالشباب على إحداث مقاولات صغرى ومتوسطة. فضلا عن مساندة المقاولات الكبرى المواطنة. غايتنا المثلى توفير فرص الشغل المنتج للشباب. وذلك هو المحك الحقيقي لمصداقية أيبرنامج سياسي. وهنا أقول: كفى من مجرد التشخيص النظري للأوضاع، ولمكامن الاختلالات. فلدينا من الدراسات الموضوعية، التي أنجزتها الهيآت والمؤسسات، ما يشفي الغليل. ولميبق أمامنا إلا اقتراح برامج قابلة للإنجاز، آخذة بعين الاعتبار أسبقيات كل فترة. ويأتي القضاء في طليعـة القطاعات، ذات الأسبقية في المرحلة المقبلة. فالعدل بقدر ماهو أساس للملك، فهو قوام دولة الحق، وسيادة القانون والمساواة أمامه. ودعامةللتنمية وتشجيع الاستثمار. لذا يتعين على الجميع التجند لتحقيق إصلاح شمولي للقضاء،لتعزيز استقلاله الذي نحن له ضامنون. هدفنا ترسيخ الثقة في العدالة، وضمان الأمنالقضائي، الذي يمر عبر الأهلية المهنية، والنزاهة والاستقامة. وسيلتنا صيانة حرمةالقضاء وأخلاقياته، ومواصلة تحديثه وتأهيله، هيكلة وموارد بشرية ومادية، وإطاراقانونياً عصريا. وبنفس الحزم والعزم، فإننا نولي نفس الاهتمام، للتفعيل الأجودلإصلاح الورش المصيري، للتربية والتكوين، الذي لا مستقبل للأجيال الصاعدة، بدونالجرأة في معالجة معضلاته. ذلكم أنه برغم الجهود الصادقة، لتفعيل ميثاق التربيةوالتكوين، الذي يظل إطاراً مرجعياً مؤسسا، فإن النتائج الكمية، لم تحقق التغييرالنوعي، والتأثير الملموس، في التربية القويمة، والاستجابة لحاجيات الاقتصاد. لذلك،يتعين الانكباب، قبل فوات الأوان، على مواصلة تعزيز الحكامة الجيدة في هذا القطاع،وإيجاد حلول موضوعية للقضايا العالقة، وفي طليعتها إشكالية التمويل، وعقلنة تدبيرالموارد، ولغات التدريس، وتحديث البرامج والمناهج، والتركيز على محو الأمية. معإعادة الاعتبار للمدارس العمومية، وتشجيع التعليم الحر، في نطاق تكافؤ الفرص. وترسيخا للحكامة الترابية، فإننا مصممون على توطيد اللاتمركز والجهوية مع وجوبتلازم الجهوية الناجعة، مع تفعيل نظام اللا تمركز الواسع والملموس، في إطار أقطابمحددة، تفوض لها السلطات المركزية، الصلاحيات والموارد اللازمة، من خلال مقـاربةجهوية مندمجة. وفي هذا الصدد، نؤكد من جديد، توجهنا الراسخ، لإقامة جهوية متدرجةومتطورة. جهوية متضامنة تشمل كل مناطق المملكة، على أساس تقسيم جديد وصلاحياتموسعة. ضمن مسار مغربي-مغربي، بإرادتنا الوطنية الخالصة، مراعاة لخصوصيات كل جهة،بما فيها أقاليمنا الجنوبية. تلكم الأقاليم العزيزة، التي خصصنا لها، دون سواها،مبادرة للحكم الذاتي، كحل توافقي ونهائي للخـلاف بشأنها. والكل في نطاق السيادةوالوحدة الوطنية والترابية. ومن القضايا المصيرية، التي من الضروري استحضارها بقوة،وجوب تعزيز المكاسب المحققة في مجال التنمية القروية، باقتراح استراتيجية للتنميةالفلاحية. استراتيجية طموحة، تعتمد سياسة زراعية جديدة، ومقاربة شمولية وتنمويةمستدامة لإشكالية ندرة الماء، وعقلنة استعمالاته. كما تقوم على اعتبار الجفاف ظاهرةشبه هيكلية، يتعين معالجتها بسياسات عمومية ناجعة. ولكي نجعل التنمية المستدامةلبلدنا تسير بخطى متوازنة بين الحواضر والبوادي، فإنه ينبغي، النهوض بالتنميةالحضرية، ضمن سياسات متناسقة للمدينة، من شأنها جعل حواضرنا مجالا رحبا للعيشالكريم، وتجسيد القيم المغربية الأصيلة، في حسن الجوار والتضامن، والتمازجالاجتماعي. ومن القضايا الأساسية، مشكـل الطاقـة، الذي يجب التصدي له عبر رؤيةمستقبلية ضماناً للأمن الطاقي لبلدنا، وتنويع الموارد الطاقية الوطنية بأخرى بديلة،وترشيد استعمالها. شعبي العزيز، مثلما ينبني مذهبنا في الحكم على تلازم الديمقراطيةوالتنميـة، فإنه يقـوم على تكامل سياستنا الداخلية والخارجية. فبفضل تطورنا المؤسسيوالتنموي، المشهود بهما عالميا، تعززت مكانة المغرب وإشعاعه الخارجي. وفي هذاالصدد، نعرب عن ارتياحنا وإشادتنا بالخطوات الإيجابية، التي حققتها دبلوماسيتنابقيادتنا. وذلك بنهج أسلوب حديث فاعل ومتفاعل، وفي ظرفية جهوية ودولية صعبة، محملةبشتى المخاطر والتحولات والمناورات. ويعود الفضل في ذلك، لتعبئة كل القوى الحيةللأمة، وتضافر جهود الدبلوماسية الرسمية والموازية. ضمن خطة مقدامة، قائمة علىالتعريف بعدالة قضيتنا الوطنية، وبالمصالح العليا لبلادنا، وانخراطنا القوي فيالقضايا الدولية الكبرى. ولتعزيز هذا التقدم، فإنه ينبغي للحكومة توفير كلالإمكانات المادية، والكفاءات البشرية لدبلوماسيتنا، دعما لحضورها، في مختلف أرجاءالعالم، والمنتديات والمؤسسات الدولية. ولتكون في مسـتوى التحديات الجهويةوالدولية. وبفضل سياسته الخارجية الرصينة، فقد أصبح المغرب شريكا فاعلا في الأجندةالدولية ، مساهما في مقوماتها الأساسية. بما في ذلك الحفاظ على السلم والأمنومحاربة الإرهـاب. وتعزيز التعايش والتفاعل بين الحضارات والديانات، والالتزامبحقوق الإنسان والنهوض بأوضاع المرأة. وكذا تحقيق التنمية المستدامة والمحافظة علىالبيئة، في إطار الحكامة الجيدة. ولتجسيد الالتزام بهذه المقومات، فإن للمغربأسبقيات جيو-سياسية محددة. فبروح التضامن، ما فتئنا نعمل على مساندة ودعم شعوبقارتنا الإفريقية الشقيقة، وخاصة في بلدان الساحل وجنوب الصحراء، والإسهام في تحقيقأمنها واستقرارها وتنميتها البشرية، والحفاظ على سيادتها ووحدتها الوطنيةوالترابية، والتصدي للمعضلات التي تعانيهـا. فضلا عن دعم التعاون بين بلدان الجنوب،والانخراط في المشروع الطموح للاتحاد المتوسطي. وبنفس الإرادة الصادقـة، نعمل علىتوطيد وشائج الأخـوة المتينة، والتعاون المثمر، والتضامن الفعال، التي تجمعنابالدول العربية الشقيقة. ولا سيما في المجال الاقتصادي، باعتباره أساس العمل العربيالمشترك. كما نؤكد دعمنا للقضايا العـادلة لأمتنا. وفي طليعتها حق الشعب الفلسطينيالشقيق، في إقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف. دولة مبنية على سيادةالقانون وحكم المؤسسات، بالقيادة الشرعية لأخينا فخامة الرئيس محمود عباس، الذيندعم جهوده الصادقة من أجل تحقيق المصالحة، وصون وحدة الشعب الفلسطيني، في التزامبالشرعية الوطنية والدولية، ومبادرة السلام العربية والأوفـاق المبرمة بين الأطرافالمعنية. كما نساند كل المبادرات الهادفة لاستتباب الأمن والاستقرار، بكل من العراقولبنان والسودان والصومال، في نطاق احترام سيادتها وحوزتها. وعلى هذا الأساس، يشكلبناء الاتحاد المغاربي، توجهاً راسخاً في سياستنا الخارجية، ونقطة تقاطعلأولوياتها. شعبي العزيز، إذا كان من ميزة، يمكن أن ينعت بها المغرب في المرحلةالراهنة، فهي وصف مجلس الأمن الدولي، ومن خلاله المجتمع العالمي قاطبة، لمبادرتناللتفاوض بشأن الحكم الذاتي، بالجديـة والمصداقية. وإننا لنعتبر أن هذا الاعترافالدولي، ينطبق على كل الإصلاحات العميقة، التي أنجزناها جميعا، والتحولات التينقودها بمعيتك، بكل حزم وعزم. بيد أن هذه الجدية والمصداقية، بقدر ما هي تشريف لنا، فإنها مسؤولية وتكليف، ومدعاة لمضاعفة الجهود، والتعبئة الشاملة من أجل الحفاظعلى هذا الرصيد الثمين. ذلكم الرصيد الذي بنيناه بالثقة في قدراتنا الذاتية، وتقديرالعالم لصواب اختياراتنا، وصدق التزامنا. وسأظل – كما عهدتني- شعبي الأبي، الملكالمواطن. وفي طليعة المناضلين، ميدانيا، في كل أرجاء الوطن وخارجه، حريصا على ترسيخالوحدة والديمقراطية، والتنمية والتقدم، والتضامن والتفاعل القوي، مع العالمالخارجي وتحولاته، في حفاظ على الهوية المغربية الأصيلة. غايتنا المثلى تحقيقالمواطنة الكريمة، لكل مغربي ومغربية، داخل الوطن أو في ديار المهجر. سبيلنا فيذلك، إيمان عميق، وعزم وثيق. ونضال وصمود لا هوادة فيهما. وإقدام مسؤول لا يعرفالتهور، وإرادة لا يشوبها الفتور. وأمل وازن لا يخالطه الغرور، سلاحنا القوي هوالالتحام الدائم بين العرش والشعب، الذي مكننا على الدوام من تخطي كل مصاعب الطريق. مستلهمين باستمرار روح التضحية والتفاني في خدمة الوطن، التي جسدها محرر الأمة،جدنا المقدس، جلالة الملك محمد الخامس، وباني الدولة الحديثة، والدنا المنعم جلالةالملك الحسن الثاني، نور الله ضريحهما. مستحضرين بكامل التقدير تضحيات رفاقهم فيالوطنية الحقة، ومنوهين بالمنخرطين بقيادتنا لاستكمال بناء مغرب المواطنة الملتزمة،بتوفيق من الله وعونه. “ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيء لنا من أمرنا رشدا”. صدق اللهالعظيم. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.