خطاب عيد العرش 30 يوليوز 2004

editor
2025-02-03T18:47:05+00:00
AMSTERDAM PersLAAHAY Den Haag PersRETTERDAM PERS
editor3 فبراير 2025 مشاهدةآخر تحديث : منذ شهرين
خطاب عيد العرش 30 يوليوز 2004

عبد الرحيم الفقير الادريسي  في مدونات  Pers  : بالعربية والفرنسية والهولندية                  telegraafmpers@gmail.com … Aljazirapress@yahoo.nl

****************************

الإسراع باستكمال مختلف البنيات التحتية

نص الخطاب الملكي السامي بمناسبة عيد العرش

الرباط الجمعة 30 يوليوز 2004

الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه. شعبيالعزيز، لقد ارتأينا ونحن نخلد في هذا اليوم الذكرى الخامسة لتحملنا أمانة قيادتكألا يكون خطاب العرش لهذا العام مجرد حصيلة لما حققناه من منجزات على أهميتها. بلنريده رؤية مستقبلية للمضي قدما في توجهنا الاستراتيجي لبناء مغرب موحد، ديمقراطيومتضامن منفتح ومتقدم، مغرب يعيش في انسجام وتفاعل مع عصره باذلا كل ما في وسعهلتحقيق الازدهار لأبنائه وفيا لجيرانه وشركائه مساهما في توطيد الأمن والسلم فيمحيطه الجهوي والدولي. ولبلوغ هذا الهدف الأسمى، الذي يتطلب استمرارية، تتجاوزالمدة الزمنية للانتداب البرلماني أو الحكومي، المرتبط بضوابط دستورية واستحقاقاتسياسية محددة، لابد من وضع جدولة عقلانية، لبلورته في برامج كبرى، تعتمد الأسبقياتالملحة، وفق الإمكانات المتاحة. وقد تولينا، منذ اعتلائنا العرش، ووفاء للبيعةالوثقى، المجسدة للعهد المتبادل بيننا، تحديد التوجهات الكبرى لمشروعنا المجتمعيالديمقراطي التنموي، على أن تقوم المؤسسات الدستورية، والهيئات السياسية، والقوىالحية في البلاد، بتجسيد هذه التوجهات على أرض الواقع، من خلال برامج مضبوطة فيأهدافها، ووسائل تمويلها، وآماد إنجازها وتقييمها. وانطلاقا من ذلك، فإن مجهوداتالمغرب يجب أن تنصب خلال الخمس سنوات القادمة باعتبارها موعدا لعدد من الاستحقاقاتالهامة، على سبعة محاور رئيسية وهي.. إيجاد حل نهائي لقضية الصحراء، وتحصينالانتقال الديمقراطي، والإسراع به قدما إلى الأمام، وترسيخ مبادىء المواطنةالملتزمة – عبر استكمال ميثاق التربية والتكوين، وإصلاح الحقلين الديني والثقافيووضع عقد اجتماعي جديد، والنهوض بالتنمية القروية وبالقطاع الفلاحي، وبناء اقتصادعصري منتج ومتضامن وتنافسي، لكسب الرهانات الحيوية للعولمة والتبادل الحر، وتعزيزمكانة بلدنا، كقطب جهوي وفاعل دولي، في عالم يعرف تحولات حاسمة ومتسارعة. شعبيالعزيز، ستظل أسبقية الأسبقيات بالنسبة للمغرب، إيجاد حل سياسي نهائي ومتفق عليه،بالنسبة للخلاف المفتعل حول صحرائنا. ولن ندخر جهدا مع الأمم المتحدة والدولالمجاورة، وغيرها من شركاء المملكة، من أجل بلوغ ذلك، عبر تمكين أقاليمناالصحراوية، من اختصاصات واسعة للتدبير الديمقراطي لشؤونها الجهوية، في إطار احترامسيادة المملكة، ووحدتها الترابية والوطنية، ومقدساتها وثوابتها. ويندرج هذا الحلالسياسي ضمن منظور جيو استراتيجي واقتصادي، تستعيد المنطقة الجنوبية بفضلهما دورهاالتاريخي، بصفتها فضاء حيويا للمبادلات الاقتصادية والعلاقات الإنسانية، في مناخيسوده الوئام والأمن، خدمة لسكانها، ولكل شعوب جيراننا وشركائنا، وتحقيقا للازدهارالمشترك، المبني على الاندماج الاقتصادي المغاربي، باعتبار ذلك الوسيلة الناجعة،لضمان استقرار المنطقة وأمنها ورخائها. كما أن هذا الحل يجسد حرصنا الأكيد علىتحصين الانتقال الديمقراطي، والسير به قدما، بصفة لا رجعة فيها. وإننا لنعتبر هذاالانتقال، الهادف إلى التحديث الديمقراطي، ورشا مفتوحا، وبناء متواصلا، حققنا فيهمكاسب أساسية بمصداقية الانتخاب الحر للمؤسسات، وتوسيع فضاء المشاركة والحرياتالعامة، وتحديث وتوطيد استقلال القضاء، والنهوض بأوضاع المرأة، وإقرار مدونة متقدمةللأسرة وغيرها من الإصلاحات المؤسسية العميقة. وإدراكا منا بأن أي إصلاح رهينبتأهيل الفاعلين والهيآت، فإنه ينبغي الانكباب، في إطار من التشاور، على إعدادقانون للأحزاب السياسية، لتأهيلها للقيام بدورها الدستوري، في تمثيل وتأطيرالمواطنين، وتأهيل نخب للمشاركة الديمقراطية، وخدمة الصالح العام، تكون صلة وصلقوية بين الدولة والمواطن، في تكامل مع تشجيع المبادرات الميدانية للمجتمع المدني. وإننا لحريصون على تقوية الهيئات السياسية، وإعادة الاعتبار للعمل الحزبي الجاد،بما يكفل انبثاق مشهد سياسي قائم على أقطاب قوية، متمايزة في رؤاها الواضحة. وهذاما يجعلنا نتساءل.. هل سننتظر عشية الاستحقاق الانتخابي لسنة2007 للبحث عن تراضصوري ومرتجل، من شأنه أن يكرس بلقنة الخريطة السياسية ؟ كلا. لذلك ندعو الطبقةالسياسية إلىتحمل مسؤوليتها، في جعل انتخابات2007 تشكل منعطفا هاما، لإعطاء دفعةقوية ونوعية، للمسار الديمقراطي، وبروز فضاء سياسي جديد، يتسم بأغلبية متماسكة،ومعارضة بناءة، تتنافسان وتتناوبان، بحسب نتائج الاقتراع، على حسن تدبير الشأنالعام، من خلال نخب متجاوبة مع عصرها، لا تختزل نفسها في اليمين أو اليسار، وإنماتجعل من الحكم القويم، المحك الحقيقي، لممارسة العمل السياسي، بمفهومه النبيل. وبماأن إصلاح الفضاء السياسي سيظل ناقصا بدون استكمال الإصلاح الشامل للمشهد الإعلامي،لترابطهما العضوي في دمقرطة الدولة والمجتمع، فإننا عازمون على مواصلة الإصلاحاتالأساسية للمشهد الإعلامي الوطني، بما في ذلك إيجاد قانون منظم لاستطلاع الرأي،منتظرين من الحكومة العمل على انبثاق مؤسسات إعلامية مهنية، حرة ومسؤولة، بما فيذلك تمكين قطاع الصحافة المكتوبة، بتشاور وتعاقد مع مختلف الفاعلين من هيئة مهنيةتمثيلية تسهر على تنظيمه وضبطه قانونيا وأخلاقيا وتحصينه من الممارسات المخلة بنبلرسالته. فمنظورنا للإصلاح المؤسسي يستهدف عقلنة وتجديد المؤسسات، على درب توطيددعائم دولة عصرية، وترسيخ ثقافة المواطنة، التي تتلازم فيها حقوق الإنسان بواجباتهوبأجهزة حمايتهما من التجاوزات المنافية للقانون. بيد أن المواطنة الفاعلة لنتستقيم إلا بالتنشئة الصالحة المرتكزة على الأركان الثلاثة المتكاملة للعقيدةالسمحة والثقافة المنفتحة والتربية السليمة. وإذا كنا قد قطعنا تقريبا نصف الطريقفي تفعيل العشرية الوطنية للتربية والتكوين وفتحنا أوراشا هامة وسجلنا تقدما لايستهان به هذا المجال الصعب فإنه يجب تكريس السنوات الخمس المتبقية لتدارك التعثرفي هذا الإصلاح الحيوي بتعبئة كل الجهود لاستكمال الإصلاح الكيفي لا الكمي فقط،لمنظومتنا التربوية، وتبويء المدرسة المكانة التي تستحقها في المجتمع. وفي هذاالصدد، قررنا تنصيب المؤسسة الدستورية للمجلس الأعلى للتعليم، ليتولى، في تركيبةتجمع بين التمثيلية والتخصص، المهام المنوطة به، كقوة اقتراحية وتقويمية قارةومتجردة، للإصلاح العميق والمستمر لمنظومة التعليم، مشيدين بما أنجزته اللجنةالوطنية الخاصة للتربية والتكوين، من عمل رائد، في هذا الورش المصيري، بروح وطنيةوتبصر وإقدام، منتظرين من هذا المجلس مواصلة جهودها المخلصة، في تفعيل هذا الإصلاحالحاسم، ليأخذ مساره الصحيح، وسرعته القصوى. كما أننا مصممون على مواصلة التفعيلالأمثل لإصلاح الشأن الديني، لترسيخ قيم ديننا الإسلامي الحنيف، والحفاظ على وحدةالمذهب المالكي، مع اعتماد اجتهاد منفتح، يتماشى مع مستجدات العصر، تحصينا لأجيالنامن التيارات الدخيلة والهدامة. وإن إصلاح الحقل الديني، لا يستهدف فحسب التكامل معالحقلين التربوي والثقافي، وإنما ينبغي أن يشمل كذلك إصلاح الحقل السياسي، الذي هومجال الاختلاف الديمقراطي. وهو ما يقتضي أن يكون العمل السياسي بعيدا عن إقحامالدين فيه، لقدسية مبادئه المنزهة عن نوازع التفرقة، بسد الطريق أمام توظيفهالسياسوي المغرض. فالسياسة والدين، في نظام الملكية الدستورية المغربية لا يجتمعانإلا في الملك أمير المؤمنين، حريصين في تقلدنا لهذه الأمانة العظمى، على أن تزاولالسياسة، في نطاق المنظمات والمؤسسات والفضاءات الخاصة بها، وأن يمارس الشأن الدينيداخل المجالس العلمية، والهيآت المؤهلة، والمساجد وأماكن العبادات، في ظل احترامحرية ممارسة الشعائر الدينية، التي نحن لها ضامنون. وبموازاة ذلك، فإننا ندعو إلىإيلاء الثقافة، بمفهومها الحضاري، المكانة اللائقة بها، باعتبارها ركنا أساسيا فيتوجهنا الاستراتيجي، الرامي لتمكين المغرب من مشروع ثقافي هادف، في مناخ من الحرية،المشجع على الإبداع والابتكار، المجسد للتنوع، والتفاعل بين الثقافات الجهويةوالوطنية والكونية. وفي عصر يعد الاستقرار والتطور الديمقراطي، محفزا أساسياللاستثمار، فإنه يتعين علينا توظيف ما حققناه من مكاسب في هذا الشأن، لصالح تنميةمستدامة بوتيرة عالية. وإن حرصنا على الحفاظ على التوازنات الكبرى، تعزيزا للثقةوالمصداقية اللتين يحظى بهما المغرب لدى شركائه، من مؤسسات مالية دولية ومستثمرين،في ظرفية دولية صعبة، لا يعادله إلا تأكيدنا لأهمية البعد الاجتماعي، ولتعبئةالمصادر الوطنية لتمويل مشاريعنا التنموية على غرار صندوق الحسن الثاني للتنمية،والتعريف بما يضمنه المغرب من شروط الاستقبال والجاذبية، للمقاولات التي تبحث عنمحيط ملائم للاستثمار. وإدراكا منا بأن بناء اقتصاد عصري، رهين بإيجاد التجهيزاتالأساسية، باعتبارها دعامة للتحديث الاقتصادي، والإقلاع التنموي، وأساسا للشراكةالمثمرة، والتبادل الحر، والتفاعل الحضاري، فإن إنجاز مشروعنا الاستراتيجي، يتطلبالإسراع باستكمال مختلف البنيات التحتية، ولا سيما منها الشبكات الطرقية، سواء لفكالعزلة عن العالم القروي، أو إنجاز البرنامج الوطني الطموح للطرق السيارة، وخصوصامنها الرابطة بين شمال المغرب وجنوبه ( طنجة – أكادير) عبر مراكش، وبين شمالهالغربي وشرقه (فاس – وجدة) عبر تازة. وإننا لنشيد، في هذا الصدد، بالنهج القويمالذي يسير عليه إنجاز المشروع الكبير لطنجة المتوسط، الذي يجب أن نعتبره نموذجايحتذى في سواه من المشاريع الكبرى. هدفنا في ذلك تمكين كل جهات المملكة، منالاستثمار الأمثل لمؤهلاتها الغنية، في مجال التنمية الجهوية، والاندماج في النسيجالاقتصادي الوطني، مما سيعمق انتماء المغرب لفضائه الأورو متوسطي، ولمحيطه المغاربيوالإفريقي والعربي، حتى يصبح قطبا محوريا وشريكا فاعلا في المبادلات الدولية،مندمجا في الاقتصاد العالمي. وتلكم سبيلنا لبناء اقتصاد خلاق للثروات، وفرص للشغللفائدة الشباب المغربي، جاعلين من مؤهلاتنا الطبيعية والحضارية، رافعة قوية للنهوضبقطاع السياحة، باعتباره من مقومات التنمية والانفتاح. ولكون العالم القروي، هوالأكثر معاناة للعجز الاجتماعي، فإن التأهيل الشامل لاقتصادنا الوطني، لن يتم إلاباستراتيجية ناجعة للتنمية القروية، المبنية على تحويل القطاع الزراعي التقليدي،إلى فلاحة عصرية ومنتجة. لذلك ينبغي نهج سياسة فلاحية جديدة، توطد ما حققه المغربمن تجهيزات ومنجزات، وتعتمد الاستثمار الأمثل لخصوصيات تربة كل جهة، للرفع منالانتاجية في الزراعة، والصناعات الفلاحية الأنسب لمؤهلاتها وثرواتها الطبيعية،مستشعرين مدى إكراهات البيئة، وندرة الموارد المائية، وزحف التصحر. وسيظل إصلاحالقطاع العمومي يتصدر اهتماماتنا. وبرغم ما عرفه هذا القطاع من تطور، فإنه لم يصلبعد إلى تحقيق التطلعات الكاملة لمواطنينا، والاستثمار الأمثل لكل القدرات التيتزخر بها بلادنا. لذا، يتعين إصلاح التدبير العمومي وعصرنة أجهزة الدولة، وعدمتمركزها، باعتماد خطة طموحة وجريئة، لتحديث القطاع العام، وإيجاد إدارة ذات مواردبشرية مؤهلة، قائمة على الاستحقاق، والجاذبية والتنافسية، وترشيد الإنفاق العمومي،وتخليق الحياة العامة. ولن يأخذ الإقلاع الاقتصادي وتيرته القصوى بدون توفير المناخالاجتماعي المشجع على الاستثمار والتشغيل. لذا، فإننا ندعو إلى إيجاد عقد اجتماعيجديد ينبثق عن تشاور واتفاق بين الحكومة والشركاء الاجتماعيين. وينبغي أن يأخذ هذاالعقد صيغة ميثاق يرتكز على مجموعة تدابير شمولية ومتكاملة تتضمن الالتزام بسلماجتماعية وتعزيز إصلاح مدونة الشغل بتنظيم حق الإضراب، لوضع حد لممارسته غيرالمقننة التي تزج بالاقتصاد الوطني في دوامة الإضراب العشوائي، الذي يفضي إلىالإضراب المضاد عن الاستثمار والنفور منه. كما يجب تفعيل وتوسيع الحماية الاجتماعيةوالتغطية الصحية، ومكافحة كل أشكال الفقر والإقصاء، وترسيخ التضامن بين الأجيالباتخاذ التدابير اللازمة والمستعجلة لإنقاذ مستقبل أنظمة التقاعد، قبل فوات الأوان،وتوفير شروط الحياة الكريمة، بإيجاد سكن محترم للمواطنين والقضاء، طبقالتوجيهاتنا،على أحياء الصفيح وعلى السكن غير اللائق. ولأن توجهنا الاستراتيجي لبناءمغرب التقدم يشمل جميع المواطنين، حيثما كانوا، ولاسيما منهم المقيمين بالخارج، فقددعونا، منذ اعتلائنا العرش، إلى سياسة جديدة في مجال الهجرة تساير التحولاتالبنيوية المتسارعة التي تعرفها جاليتنا بالخارج وتستجيب لتطلعات مختلف أجيالهاوطموحاتها لتنمية المغرب وتحديثه و إشعاعه الخارجي، سياسة شمولية متعددة في أبعادهاالمؤسسية والديبلوماسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، متكاملة ومتناسقة فيعمل الأجهزة المكلفة بها، متنوعة في صيغ مساهمة جاليتنا بالخارج في كل مجالاتالحياة الوطنية. وفي هذا السياق، فإننا بصدد دراسة أفضل السبل لضمان مشاركة ناجعةوذات مصداقية لجاليتنا بالخارج في كل مؤسسات وفضاءات بناء المجتمع الديمقراطيالتنموي. وسنحرص على أن يتم ذلك في إطار من التشاور المثمر، مواصلين جهودنا للنهوضبأحوال هذه الفئة العزيزة من شعبنا الوفي، بمقاربة اندماجية تستهدف تقوية التضامنبين جميع المواطنين في الداخل والخارج، ليساهم كل من موقعه في خدمة وطنه المحتاجإلى كل أبنائه، باعتباره نموذجا للتشبع بالقيم الإسلامية والكونية، من إخاء وتسامحواعتدال، واثقين بأن المغاربة بالخارج سيظلون خير مجسد للتفاعل الايجابي بين مختلفالحضارات والثقافات. شعبي العزيز، إن وسيلتنا لبلوغ هذه الأهداف الكبرى هي الحكمالقويم الذي تتكامل فيه السياسة الداخلية، القائمة على تعبئة كل إمكاناتنا الذاتية،مع سياسة خارجية قادرة على التفاعل مع التحولات الدولية المتسارعة. وذلك بالاستثمارالأمثل للتطور الديمقراطي للمغرب ورصيده الحضاري، وموقعه الجيو استراتيجي المتميز،كشريك دولي وقطب جهوي، لحسن الجوار والاعتدال والتسامح. ولتحقيق ذلك، فإننا حريصونعلى بلورة مفهومنا للديبلوماسية الفاعلة، الرسمية منها والموازية، المرتكزة علىالبعد الاقتصادي والأمن الشامل المتحركة في الدوائر الرئيسية الثلاث، للجواروالتضامن والشراكة. ديبلوماسية متجددة الهياكل، وملتزمة بالحوار والشرعية الدوليةكوسيلة فعالة للمكافحة الجذرية للكراهية والتطرف والإرهاب ولانتشار أسلحة الدمارالشامل، حيثما كانت، والنضال مع دول الجنوب من أجل تحقيق التنمية المستدامة، فيإطار الاندماج الإقليمي، والانخراط الايجابي في عولمة ذات بعد إنساني وإيجاد نظامعالمي جديد أكثر توازنا وإنصافا. ففيما يخص علاقاتنا بجوارنا المباشر، نؤكد عزمناالصادق على إعطائها انطلاقة جديدة، لاسيما مع الجزائر الشقيقة، وذلك بتفعيلهاوتنقية أجوائها تجسيدا لطموح شعبينا إلى بناء مستقبل يطبعه التضامن والإخاء. وفينفس السياق، نؤكد إرادتنا الثابتة على الرقي بمستوى العلاقات المتميزة مع موريتانياالشقيقة، التي نوليها مكانة خاصة، مجددين عزمنا الراسخ على العمل الجاد، بالتشاورمع تونس وليبيا الشقيقتين، لتفعيل بناء الاتحاد المغاربي في إطار من الوضوحوالالتزام والمصالح المشتركة واحترام سيادة الدول الأعضاء ووحدتها الترابية، بمايجعل من هذا الاتحاد فضاء للديمقراطية والتقدم والاستقرار والازدهار وقوة تفاوضيةاستراتيجية في محيطه الاورومتوسطي، ومع التكتلات الإقليمية والدولية. وبنفس الحزموالعزم، فإننا لم نفتأ نجعل قارتنا الإفريقية في صدارة سياستنا الخارجية، مكرسينجهودنا لتعزيز علاقاتنا مع كافة بلدانها الشقيقة، ولاسيما منها الأقل نموا، عاملينعلى المساهمة في إنجاح مبادرة (النيباد) والمشاركة في العمليات الأممية، لحفظ الأمنوالسلام والاستقرار في منطقة الساحل وقارتنا الإفريقية بأسرها. وبالنظر لكون منطقةغرب إفريقيا والساحل، تمثل امتدادا طبيعيا لجوار المغرب، فقد حرصنا، من خلالزيارتنا الأخيرة لخمسة من بلدانها الصديقة، على تجسيد ما تحظى به من مكانة خاصة،ضمن رؤيتنا الاستراتيجية، بحكم الروابط الحضارية العريقة التي تجمعنا بها، والتينسعى لتوطيدها، بالمزيد من التعاون والتكامل الاقتصادي، والتضامن الفاعل لمواجهةالمخاطر التي تهدد أمنها واستقرارها. وعلى مستوى آخر، فإننا مرتاحون للتطورالنموذجي الذي تشهده العلاقات الاستراتيجية المتعددة الأبعاد، مع الدول الأوروبيةالمجاورة. وفي هذا الصدد، فإننا نعتز بعلاقات الشراكة النموذجية والراسخةوالمتجددة، التي تجمعنا بفرنسا. كما أننا عازمون على فتح صفحة جديدة في علاقاتنا معالمملكة الإسبانية، التي نتقاسم وإياها رصيدا تاريخيا وحضاريا، يزخر بمؤهلات واعدة،جديرة بالرقي بها إلى المستوى المتميز لعلاقة استراتيجية بين بلدين تجمعهما الشراكةوحسن الجوار. كما نشيد بالتطور الكيفي، الذي عرفته علاقاتنا مع باقي الدولالأوروبية، في التزام بسياسة القرب الجغرافي والتاريخي مع الاتحاد الأوروبي، الذينشاطر جميع أعضائه، نفس انشغالات الحفاظ على الأمن والسلم والاستقرار، وتحقيقالتنمية المشتركة. وإننا نعتبر أن إعطاء مدلول ملموس للجوار ولمصيرنا المشترك،ينبغي أن يمر عبر الارتقاء بشراكتنا إلى وضعية متقدمة، متجاوبة مع سياسة الاتحادالأوروبي، ومنصفة للجهود التي بذلها المغرب، في مجال الإصلاحات الاقتصادية وترسيخالديمقراطية، مستحضرين البعد الإنساني والحضاري في علاقاتنا بأوروبا، وغيرها منشركائنا، خاصة من خلال تواجد جالية مغربية، تحظى بكامل عنايتنا واهتمامنا. وسيواصلالمغرب القيام بدوره في الدفاع عن القضايا المصيرية والمصالح العليا للبلدانالعربية والإسلامية. وسيلتنا إلىذلك العمل على تغليب نهج الحوار والتفاوض على منطقالمواجهة والعنف. وهو ما يقتضي انسحاب إسرائيل من كافة الأراضي العربية المحتلة،والعمل على التطبيق الفوري لخارطة الطريق، كمرحلة في اتجاه إيجاد سلام عادل ودائموشامل، يضمن حقوق جميع شعوب المنطقة، بما فيها الشعب العراقي الشقيق، في السيادةوالحرية، والاستقرار والازدهار، ويكفل إقامة دولة فلسطينية تتوفر على كل مقوماتالاستمرار، عاصمتها القدس الشريف، تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل. وبصفتنا رئيساللجنة القدس، فإننا سنواصل عملنا الدؤوب من أجل الحفاظ على هوية هذه المدينةالمكلومة، كمهد ورمز للتعايش والتسامح بين أبناء الديانات السماوية. كما نشدد علىضرورة تمتين التضامن العربي والإسلامي وتحديث هياكله وآلياته، لتأهيله كي يحققالتطور الديمقراطي والاندماج الاقتصادي المنشودين. وضمن رؤيتنا الشاملة لانفتاحالمغرب على العولمة، تندرج سياسة الشراكة والتبادل الحر، وإبرام الاتفاقياتالتفضيلية، التي ينهجها المغرب، في سياق تأهيل اقتصادنا، وتكريس الاختياراتالاستراتيجية لبلدنا. وبقدر ما نعتز بتمتين شراكتنا الاستراتيجية مع الولاياتالمتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، فإننا عازمون على تطوريها وتنويعها وتوسيعهالتشمل، علاوة على شركائنا في إعلان أكادير، أصدقاءنا كروسيا والصين والهند وكنداواليابان، التي تربطنا بهم، منذ أمد طويل، علاقات متينة مبنية على التقديرالمتبادل، والمصالح المشتركة. وكما نجح المغرب في اجتياز المنعطفات الحاسمة، فإنيواثق أنك، شعبي العزيز، ستعرف كيف تعبىء قواك الحية لرفع كل التحديات، وكسب رهاناتهذه المرحلة الهامة، ملتحما بقيادتنا في مواصلة السير على النهج القويم، لجدناووالدنا المنعمين، جلالة الملكين محمد الخامس والحسن الثاني، طيب الله ثراهما،وأحسن جزاءهما، عن جليل أعمالهما، لبناء مغرب الحرية والديمقراطية، والوحدةوالتقدم. كما نترحم على الشهداء الأبطال، الذين استرخصوا أرواحهم في سبيل حريةالوطن ووحدته وسيادته، مشيدين بجهود قواتنا المسلحة الملكية، والدرك الملكي، والأمنالوطني والقوات المساعدة، والوقاية المدنية، ولا سيما القوات المرابطة في أقاليمناالجنوبية، الساهرة تحت قيادتنا، على وحدتنا الترابية، مؤكدين حرصنا على تمكينأجهزتنا الأمنية من كل الوسائل القانونية والمادية والبشرية، لتنهض بدورها الفعالفي الحفاظ على الأمن والاستقرار، في ظل سيادة القانون. وإن خديمك الأول ليعاهد اللهويعاهدك، على أن نظل ساهرين على صيانة المقدسات والثوابت، مسلحين بالثقة في بلدنا،والإرادة الراسخة في صنع مستقبلنا، وإنجاز ما رسمناه من توجهات استراتيجية، يعتبرالانتقال الديمقراطي فيها الوسيلة الناجعة ليأخذ الإقلاع الاقتصادي وتيرته القصوى،بنمو قوي ومستمر، في مجتمع متوازن ومتضامن، تقوم فيه كل الفئات الاجتماعية، ولاسيما الوسطى منها، بدورها الفاعل، في التحفيز على قيم المبادرة والابتكار،والمواطنة الملتزمة، مستمدين من الله تعالى القوة والسداد، للسير بك ومعك، على هذاالمسار الطويل إلى الأمام، بحزم وعزم، وحكمة وإقدام. “قل هذه سبيلي أدعو إلى اللهعلى بصيرة أنا ومن اتبعني “. صدق الله العظيم. والسلام عليكم ورحمة الله تعالىوبركاته“.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.