الصداقة والاصدقاء
بقلم عبد الرحيم الفقير الادريسي
بكل أسف .. لا صداقة ولا أصدقاء
قال أحدهم : الحياة بلا صداقة ولا أصدقاء كالنوم على الرصيف أو في الشارع
وقال الآخر : الأصدقاء هم النور
وهم الرصيد الذي يضعه المرء في بنك الحياة ليواجه بهم الأيام السوداء .
قيل لي إنك تلمح وتقصد أشياء تخصك ..
فهل وجدت راحة فيما كتبت سابقا ؟
قلت : كلا
قالوا : غريب
قلت : ما الغربة في ذلك ؟
قلت : توهمناك وجدت ضالتك
قلت ليس في الأمر عجب ولا غرابة .. كل ما هناك أنني أكتب .. ومن خلال كتاباتي أجد الراحة فمنذ القديم قالوا : قل كلمتك وكفى .
من وجهتي سأقول كلمتي ولو تضايقكم :
بكل أسف ورغم ما تحمله كلمة الأسف من دلالات ومعان .. ورغما عن قوتي وإرادتي اكتشفت وثبت لي الثبوت القاطع بأن الصداقة والمحبة في وقتنا الحاضر تسير نحو الاندثار وتنتحر على مذابح المصالح .
أمام هذا الوضع يحتار العقل وتضيع الأفكار وتختلط الأمور لأن هناك أناسا يغتالون بكل قواهم المحبة ويستهلكون الأخوة على مدارج الأنانية ويقتلون في كل ثانية النبل الحميدة والمشاعر الإنسانية
أصعب الأوقات تلك التي يحس فيها المرء أنه يتعرض إلى لحظة ضياع نتيجة صلف أو كبرياء أو غرور مسلط وأن الناس أصبحوا تجارا في المصالح يبحثون عن الربح السريع على حساب الصداقة والأخوة والمحبة .
عندما يتحدث الإنسان بصراحة ويتحاشى الكذب ينعث بأنه ثقيل الفهم ضحل العطاء .. وغالبا ما يتحدث الإنسان بالكذب فيسمح له الجميع .. ولكن سرعان التزامه بالصواب والبعد عن النفاق والشقاق بغية فرض شخصيته ومبادئه ومواقفه والإعلان عن الصدق شعارا تفسر كلماته على غير ما يقصد بتاثا فتغضب منه الوجوه ويهاجمه هذا ويثور عليه آخر فيحتار فيمن سيرضي وفيمن سيواجه .. وعندما يحتار يلتزم الحياد ويلوذ الصمت ويظل سامعا دون أن يناقش أكثر من أن يرد بالإيجاب والتنويه مهما كان الخطأ والصواب
..لكنه حتى في هذه الحالة يزيد الطين بلة ولا تنفعه حكمة السكوت من ذهب بل يظنون به الظنون ويتهمونه بأن وراء صمته داهية وخلف سكوته مصيبة .
وتزيد الحيرة بالإنسان فيقرر أن يأخذ الكلمة في كل المواقف وأن يتحدث بدون توقف وأن يمتلك الجلسات بالقيل والقال والضرب في المحال وأن يتحدث في كل شيء ويحشر نفسه في الميدان الذي يعرفه والميدان الذي لا دراية له به .. وما أن ينتهي من حديثه حتى يلاحظ أن العيون تتغامز عليه والجفون تتحرك تآمرا عليه .. وينعث بسرعة أنه مجرد رجل ثرثار لا فائدة من كلامه ولا يمكن الاعتماد على ما يقول فيحتار في أمره ويتراجع من أوله وتزداد حيرته
المصدر : https://telegraafm.com/?p=16254