وضعية الزربية المغربية ؟الإفلاس والانسحابمن الأسواق الدولية
تأريخ منذ 1955
بحث عبد الرحيم الفقير الادريسي
تاريخ الزربية المغربية منذ 1955 ..
مشاكل وقضايا تحت المجهر
من كان وراء تدهور واقع الزربية المغربية ؟
بحث ودراسة نشرت لأول مرة بجريدة رسالة الأمة سنة 1987 وعدة جهات اخرى
تلعب الصناعة الصغيرة والمتوسطة دورا هاما في التنمية الاقتصادية سواء في الدول النامية او الدول التي لم تقطع بعد مراحل هامة في ميدان التصنيع .
تؤكد مخططات دول المعمور خاصة تلك السائرة في طريق النمو على تشجيع الصناعات بهدف بناء اقتصاد متماسك وقوي يمكنها من تحقيق التقدم والازدهار والتوازن الاجتماعي .
المغرب الذي اعطى مكانة بارزة للقطاع الصناعي في مخططاته الاقتصادية من اجل وضع برنامج متكامل الاهداف يتوخى منه توفير المناخ اللائق لتنمية الصناعات الصغيرة والمتوسطة ولتحقيق المزيد من الاستقلال الاقتصادي الوطني وتوزيع خيرات البلاد توزيعا عادلا على كل الجهات .. لا زال يواصل بكل ثقة مساره في هذا الاتجاه .
فالمغرب له ماض غني بالامجاد والحضارات العريقة وهو دائما يبحث بعمق قي خضم تاريخه عن الخبايا النفيسة التي يكتنزها ومنهمك في تطوير القطع الخشبية والمعدنية والصوفية والجلدية برسم تصاميم يبتكر من خلالها اشكالا فنية في منتهى الدقة والحيوية .
وبهذا العمل الابداعي الفني اصبحت صناعتنا التقليدية تشارك في تطوير الحركة الاقتصادية والاجتماعية واكتسبت نهضة شاملة في جل الاتجاهات ووصلت الى اكثر الدول بالعالم … .
تحليل الانشطة الانتاجية التقليدية
اذا ما قمنا بتحليل لمختلف الانشطة الانتاجية التقليدية السائرة في التطور نلاحظ ان قطاعي الجلد والنسيج يحسمان الرئتين اللتين يتنفس بهما قطاع الصناعة التقليدية المغربية .
بهذه الوضعية تحتل القطاعات مكانة اقتصادية رئيسية سواء على مستوى الموارد الطبيعية او المالية اوالبشرية وللتأكيد على ذلك يجدر بنا ابراز نشاط الزربية المغربية .
فالمغرب بحكم انتمائه المبكر للتاريخ .. وبحكم اضافاته الغزيرة والمثمرة للعطاءات الانسانية على امتداد هذا التاريخ يعتبر ارضا للحضارة وقاعدة تابثة للمدنية الحقة .
والصناعة التقليدية بما تجسده من روعة في الخلق والابداع وما تمثله من اصالة راسخة تشكل احدى السمات البارزة للواقع الحضاري المتميز للمغرب .. كما انها تعتبر حاليا من الدعامات الاساسية للاقتصاد الوطني وهي من الركائز الاولى التي تعتبر منبعا لجلب العملة الصعبة .. فقد احرز هذا القطاع على شهرة عالمية من حيث الجودة والاثقان مما يعرضه للمنافسة الحادة .
على مستوى السوق الداخلي يواجه القطاع مسألة نمو التصنيع ,, وعلى الصعيد الخارجي هناك منافسة قوية من طرف الاقطار التي تعتمد على الصناعات التقليدية كمورد هام بالنسبة للدخل القومي لها وعلى سبيل المثال الهند والباكستان والصين الشعبية .
قطاع الزرابي وعناصر التنمية
الحديث عن الصناعة التقليدية يدفع مباشرة نحو الحديث عن قطاع الزرابي الذي يشكل احدى الحرف القديمة والمهمة من حيث الانتاج والتشغيل والقيمة .. وقد تعرف صناعة الزرابي حاليا بجل النواحي والمدن المغربية اقبالا وانطلاقة هامة حيث تمكنت من فرض وجودها خارج الحدود الوطنية بفضل جودتها واصالتها وتميز كل ناحية بنوع خاص من الزرابي إذ اصبح الانتماء الى الناحية هو طريقة التعرف بكل نوع .
وهكذا نجد مثلا الزربية الاطلسية والزربية الرباطية والحوزية وانواعا اخرى تعد ذات جودة واصالة بمناطق معروفة بالمغرب .
اخذت الدولة على عاتقها منذ الاستقلال تنشيط هذا القطاع واعطاءه العناية التي يستحقها قصد حماية القيمة الحضارية التي يمثلها كل نوع من الزرابي وما يجسده من اصالة عريقة في كل منطقة من المملكة .. وفي نفس الوقت عملت على تسخير هذه الصناعة للتشغيل نظرا لما تتوفر عليه من امكانات لاستيعاب اليد العاملة براسمال قليل . من هنا شهد قطاع الزرابي نموا كبيرا على المستويين الاجتماعي والاقتصادي
مكانة الزربية في المجتمع
زرابي” أزلغ الأمازيغية..احتفالية قبائلية لغزل الصوف
على المستوى الاجتماعي تطو رت حركة الاستثمار بقطاع الزرابي وخصوصا في السبعينات على اثر صدور قانون تشجيع الاستثمارات بقطاع الناعة التقليدية حيث بلغ عدد المناسج المستعملة في صنع الزرابي حوالي 20 الف منسج في الوقت الذي بلغ فيه عدد اليد العاملة المشغلة بهذا القطاع ما يفوق 100 الف شخص جلهم من الفيات .
اما فيما يخص المستوى الاقتصادي فلا تخفى اهمية الزربية على احد كونها تحتل المرتبة الخامسة ضمن صادراتنا الوطنية باكثر من 31 مليارسنتيم .
اذا اعتبرنا سنة 1955 كمطلق لقييم تطور لنتاج الزرابي فاننا نجده قد حقق نموا بارزا بلغ معدل النمو 12.3 في المائة ما بين 1955 = 64075 متر مربع وسنة1960 = 143.000 متر مربع وقد تواصل هذا النمو بوثيرة هامة خلال مدة الستينات حيث بلغ معدله 81.23 في المائة ما بين 1963 حوالي 201.960.77 متر مربع وسنة 1969 حوالي 3.66.036.30 متر مربع وارتفع معدل النمو الى ما يقارب من100 في المائة في السبعينات وخاصة ما بين سنة 1970 فوق المليار متر مربع 1.628.497.29 متر مربع وسنة 1979 يسجل 2.002.722.98 متر مربع .
ارتفاع معدل التصدير
سوق الزربية بخنيفرة .. الكساد يهدد مصدر عيش الأسر المعوزة
لقد حقق فعلا مجال التصدير في قطاع الزرابي وذلك منذ 1956 حيث بلغت قيمة الزرابي المصدرة ما يفوق 22 مليون سنتيم وما بين 1957 حوالي 177 مليون سنتيم وسنة 1958 حوالي 203 مليون سنتيم .. اذ وصلمعدل النموالسنوي الى 14.69 في المائة وارتفع هذا المعدل الى 21.76 في المائة في الستينات وخاصة ما بين سنة 1961 حوالي 416 مليون سنتيم وسنة 1962 حوالي 548 مليون سنتيم وخلال السبعينات ارتفع معدل الزيادة الى حوالي 21 في المائة .
تحليل الوضعية الحالية
الا ان نمو انتاج الزرابي وتصديرها لم يتواصل خلال الثمانينات بنفس الوثيرة نظرا للازمة الاقتصادية العالمية التي مست بشكل قوي هذا القطاع اذ تجلت انعكاساتها على مستوى الانتاج في الانخفاض الذي عرفه ما بين سنة 1980 حوالي 1.660.298 متر مربع ثم سنة 1981 حوالي 1.543.210 متر مربع بمعدل انخفتض يقدر ب 7 في المائة .
على صعيد التسويق انخفض النمو السنوي لصادرات الزرابي التي تشكل اكثر من 70 المائة من مجموع صادرات قطاع الصناعة التقليدية حيث بلغت قيمة الصادرات سنة 1980 حوالي 291.041.364 درهم وفي سنة 1981 وصلت الى 310.239.748 درهم أي بمعدل سنوي لم يتجاوز 6 في المائة مع الارتفاعات المسجلة في السنوات الاخيرة .
تدهور قطاع الزرابي
زرابي متنوعة من أصول رباطية (الجزيرة)
يتبين من خلال المعطيات وحسب الازمات التي مرت منها الزربية المغربية ان الازمة تتجلى في المواد الاولية التي طرحت عدة مشاكل من ناحية التزويد بها اومن ناحية الاثمان .
كما سنوات الجفاف التي عرفتها البلاد اثرت على تربية الماشية الشيء الذي قلص من تزويد السوق المحلية بالصوف ..
اما الصوف المستوردة من الخارج وهي المستعملة بكثرة في انتاج الزرابي المصدرة فان اثمانها عرفت خلال العشر سنوات الاخيرة ارتفاعا مهولا تضاعف الى اكثر من اربع مرات عما كان عليه واصبح المنتج المصدر لدول السوق الاروبية المشتركة ملزما بالاقتصار على التزود بالصوف من هذه الدول فقط دون سواها وفق الاتفاقيات المبرمة وفي هذا الشأن على الرغم من وجود صوف ارخص في بلدان اخرى . وخلال السنتين الاخيرتين رفض المزودون من هذه الدول الاستمرار في التعامل بالطرق البنكية المالوفة واصبحوا يلزمون المشتري المغربي بتأدية واجب الصوف نقدا .. وفي ظروف مسبقة ..
هذا من جهة أما المواد الكيماوية الخاصة بالصباغة وتنظيف الصوف فقد عرفت هي الاخرى ارتفاعا ويلاحظ ان اثمنتها في الاسواق المغربية مرتفعة جدا بالنسبة للاثمان المعمولة في الخارج .
تضرر انتاج الزرابي
تعاونية الزرابي التقليدية
لقد تضرر انتاج الزرابي من هذه الارتفاعات المهولة حيث اضطر المنتجون الصغار ومتوسطو الحال الى التخلي عن الانتاج والجودة بسبب لجوء بعض الصناع الى استعمال مواد واعشاب اولية باقل كلفة لمواجهة يعض الصعوبات التي يطرحها غلاء المواد الكيماوية المستوردة وليتمكنوا من مواجهة المنافسات الحادة باهم الاسواق العالمية .
تطور سياسة الانتاج
نظرا لتطور سياسة الاجور وارتفاع مستوى المعيشة كان على ارباب المعامل الرفع من اجور اليد العاملة بمعاملهم واغلبهم يؤدي اجزرا تفوق الحد الادنى الرسمي للاجور .
يمكن القول ان ما يتقاضاه العامل في قطاع الزرابي عرف صعوبات كبيرة بالاسواق الخارجية خلال الثمانينات حيث سجلت صادرات الزرابي ولاول مرة نسبة منخفضة تقدر باكثر من 4 في المائة خلال الاشهر الاولة من سنة 1982 بالمقارنة مع نفس الفترة من سنة 1981 .
لقد اصبح الوضع قلقا سيما ان معامل الانتاج الكبيرة والصغيرة على حد سواء تشكو من قلة الرواج وصعوبات التسويق بالاضافة الى التدمر من الارتفاعات المهولة والمستمرة للمواد الاولية
قد تعزى اسباب هذه الازمة الى انعكاسات الازمة الاقتصادية العالمية على الاسواق التي تستوعب الزربية المغربية ومنها سوق المانيا هذه السوق التقليدية يشتكي من كون مستودعاتها من الزرابي مكتضة ومشترياتها سجلت تقلصا بلغ 15 في المائة سنة 1981 ومن المنتظر ان يتضاعف ليصل الى 30 في المائة .
هناك انتاج منافس للانتاج المغربي تعرضه على السوق الاسيوية مثل الهند والباكستان وتركيا ومصر باثمان غير قابلة للمناقشة وبامتيازات هامة في الاداء والتعامل لا يتحملها المصدرون المغاربة .
معلوم ان دار الصانع لم تعط نتائج ايجابية بالنسبة لاكتساح اسواق جديدة انطلاقا من ضآلة الامكانيات المتنوعة .
امام كل الصعوبات وام هذه العقبات التي دفعت الى الرفع بكلفة الانتاج يلاحظ ان ثمن البيع في مجال التصدير لم يعرف اي تغيير منذ السنوات الاخيرة .
يمكن القول ان عددا من المنتجين المصدرية يبيعون الان بدون ربح حتى لا تتوقف انتاجاتهم زاصبحت وضعيتهم المالية لا تبعث على الارتياح .
ومما لاشك فيه ان تقلص صادرات الزربية المغربيو ينعكس مباشرة على طاقة الانتاج المحلية وفرص التشغيل والاوضاع الاقتصادية والاجتماعية لفئة كبيرة من المواطنين الذين يعيشون من هذا القطاع .
الواقع الحالي والتاريخ
تاريخ الزربية المغربية وازدهارها كا في الستينات اولا غذاة اصدار قانون الاستثمارات الخاصة بالصناعة التقليدية ومنذ تلك الفترة تكونت الوحدات الانتاجية الكبير وانتشرت المعامل المتوسطة والصغيرة خصوصا على صعيد مدينة طنجة مرورا بوازان والقنيطرة الى الرباط وسلا والدار البيضاء واكادير دون ان ننسى الخميسات وتازناحت وتارودانت ووارزات وغيرها بوحدات معدودة وقد شجع هذا الانتشار والتكاثر وفرة الطلب التي كانت تفوق العرض واستثمر في القكاع عدة انواع من المواطنين وظهرت العديد من القوانين الصارمة في المجال .
ومن هنا خضعت الزربية المغربية الى مراقبة ملزمة بحمل الطابع الذي يصنفها من حيث الجودة ..غير ان مراكز الطبع الخاضعة للدولة لمتساير بصفة موازية تكاثر الانتاج .
اذا اعتبرنا ان الحجم الانتاجي للزربية تضاعف عدة مرات غان عدد المكلفين بالطابع بقي محدودا الامر الذي تنجم عنه عدم خضوع الزربية الى مراقبة في المستوى المرغوب إذ ان المراقب لا يتوجه الى المعمل بل يكتفي بدفع العدد الكافي من ملصقات الطابع الى صاحب المعمل الذي يقوم بالعملية فاصبحت عملية الطابع قضية شكلية لا اقل ولا اكثر .
تقلص القوة الشرائية ومعدل الصادرات ينخفض
تاريخيا كانت سنة 1979 السنة التي دق فيها ناقوس الخطر وبدأ الزبناء ومنهم الالمان يشترون 96 في المائة من الزربية يعبرون عن القلق ويطالبون بتشديد مراقبة الجودة واستعمال صوف معالجة مع التقليص من الانتاج وبرزت ظاهرة جديدة تكمن في كون بعض المساعدين للزبناء التقليديين الالمان تحرروا من قبضة مشغليهم واتصلوا مباشرة بالمنتج المغربي عارضين الزربية باقل ثمن مما ادى الى تحديد ثمن ادنى للبيع . غير ان هذه المبادرة تم تجاوزها اذ اصبحوا يشترون من المنتج المغربي مختلف اصناف الزرابي ويحددون الثمن الدي يشاؤون بعيدا عن المعمول به عامة .
ازداد الامر استفحالا وبدأت الزربية المغربية تعرف تضاربات متفاوتة جدا في سعرها وبدأ المستهلك الاوروبي يحتاط منها وأخذت سمعتها تتدهور يوما بعد يوم وزاد في تازمها الازمة المالة العالمية وتقليص القوة الشرائية لدى الاوروبيين وتفشي البطالة والارتفاعات الصاروخية للدولار واضف الى ذلك المنافسة الشديدة لمنتوجات بعض الدول التي زيادة على امتيازها بالجودة والاتقان فهي تعرض منتوجاتها باثمان مناسبة بفضل التشجيعات التي حظي بها المنتج الاسيوي من لدن حكومته على شكل منح تشجيعية او نقل السلع على متن الطائرة مجانا او تسعيرة رمزية وصار المنتج المغربي ينتج انتاجا يقل جودة يوما عن يوم غير مبال بهذه المؤشرات الخطيرة ويدخر معلقا امله على تحسين الوضعية واقبال الزباء الالمان من جديد .
هذا الادخار واد في حنق القطاع اذ ان الزبون يصعب عليه البيع في سوق مكتضة يعاني من وسائل التمويل ومن تزايد سعر فائدة القروض البنكية وعدم تسديدها في اجلها … وبالتالي نتج التدهور في راس المال وتوفقت الشراءات وضاع صيت الزربية المغربية ..
هنا تنجلي قضية كل مهنة دخلها غير اهلها مآلها الكساد
الادخار الخاسر
من جانب اخر فان المنتج المغربي الذي يدخر كمية هائلة من الزرابي علما ان وسائله التمويلية محدودة وديونه البنكية مرتفعة مما يشد عليه الخناق يضطر الى بيع مدخراته بثمن بخس ..
الزربية أو أحايك الأمازيغي متروزة بالحرف( ز) او ( z) askil)
كل هذه العوامل المذكورة حسب الدراسات المختصة تخانست فظهرت بارزة اذ توقف العديد من المعامل عن الانتاج وخفضت معامل اخرى انتاجها وقصلت من عمالها .
وزارة مختصة تتفرج ولا تتدخل
بدلا من البحث عن مسلك مشرف وواقعي تمليه روح الغيرة والروح العملية والاخلاص للمهنة لجأ بعض المنتجين الى الغش الذي تفشى بشكل فضيع ومخجل فهبطت زربيتنا الى الهاوية .
الوزارة المختصة توارت عن الانظار ولم تحرك ساكنا والنتيجة افلاس المعامل وتهاون الجهات المختصة ساهم في الخروج من الاسواق الدولية وترك الفرصة للمنتجين الاسيويين ليحلوا محل منتوج الزربية المغربية .