الرئيسية / AMSTERDAM Pers / العزوف عن الزواج بالمغرب

العزوف عن الزواج بالمغرب

هدى كرموس

الزواج هو ميثاق ترابط بين الرجل والمرأة، قصد بناء أسرة بل عائلة متزنة، ويكون أساس هذا الميثاق القبول والتراضي من الطرفين لنجاح هذه العلاقة الزوجية.

لكن، في واقعنا الحالي نلحظ عزوفا ونفورا عن هذا الميثاق السامي. ياترى ما سبب ذلك؟

بناء على ما نراه ونستنتجه من حولنا هناك أسباب عديدة وغير محدودة، نذكر بعضها وأساسها :

 

الــــــــــــــــــــسبب الأول: العامل النفسي.

الـــــــــــــــــــسبب الثـــاني: العامل المادي.

الـــــــــــــسبب الثالث: العامل الأخلاقي.

الــــــــــــــــــــسبب الرابع: العامل العمري.

السبب الخامس: العامل الاجتماعي.

العامل النفسي: العزلة والتوقعات والخوف

   العامل النفسي يدخل فيه مجموعة من الأسباب، العزلة ونقصد بها أن أحد الطرفين يميل إلى البقاء وحده ولا يحب الاختلاط، وهنا يكون من الصعب عليه التأقلم مع شريك الحياة.ونذكر أيضا التوقعات المبنية قبل الزواج، ويعني أن الطرفين يكون لهم اعتقادات وتصورات قبل العلاقة الزوجية وعند دخول العلاقة يصطدمون بواقع آخر عكس أو مخالف لما توقعوه وهنا تقع المشكلة، إذ أن بعض الفتيات  يحلمن بشريك للحياة ميسول الحال متوفرا على كل ضرويات لفتح بيت، ويفضلن تأخير الاقتران بزوج في انتظار ما رسموهن في عقلوهن من مواصفات لزوج المستقبل.

  وقد يعتبرن أن الزواج هو تقييد للحرية الخاصة، وربما يقعن في خلافات  يرافقها شبح العنف مما يؤدي إلى الطلاق، وهذا الأخير له تبعاته في المجتمع الذي لا يرحم المرأة المطلقة. وقد يكون الخوف من الارتباط سببا كافيا للعزوف عن الزواج نظرا لمرور أحد الاطراف بتجربة فاشلة أو مروره بصدمات حياتية تجعله يأخد فكرة خاطئة عن الزواج.

العامل المادي: المتطلبات الأساسية والثانوية

    العامل المادي وهو أساس العزوف، إذ أصبحت الحالة الاقتصادية عنصرا مهما في الحياة الزوجية لكي يعيشوا حياة مستقرة .   في الواقع أن قلة الشغل والضعف المادي وغياب مدخول قار هم من الأسباب الرئيسية للعزوف عن الزواج  فقبل أن يفكر الشاب أو الشابة في الاقتران وخلق أسرة ينظر إلى الأولويات التي تتجسد في مصاريف الخطبة والعرس والبحث عن السكن ويجب على الزوج ان يكون قادرا على أن يوفر لأسرته كل المتطلبات الأساسية والثانوية نظرا لارتفاع الأسعار وارتفاع سقف الطموح، ثم يراجع الآفاق القادمة فيرى أن الأجرة لا تمكنه من تحمل المسؤولية ليكون رب عائلة، وخصوصا إذا كان شريك الحياة  عاطلا عن العمل ولا يتوفر على مؤهلات أو ديبلومات قد تنقده مستقبلا. من هنا يأتي التراجع والتخلي عن فكرة الزواج والتسلح بكرة تأخير الزواج إلى حين.

    ومما زاد في الطين بلة الغلاء الممنهج في تكاليف الزواج وشروط العائلات تكبل المقبل  على الزواج .

العامل الأخلاقي: الاحترام والالتزام والمسؤولية

   العامل الأخلاقي ركيزته الاحترام بين الزوجين الذي أصبح شبه منقرض بينهم، وعدم الالتزام وتحمل المسؤولية، أي أن الطرفين أصبحوا عديمي الحس الالتزامي لحماية البيت الزوجية ومعرفة ما لك وما عليك.وهل السن أو الظروف البيئية والاجتماعية لهما دورا هاما في هذا العزوف عن الزواج؟ وهل هذا العزوف يأتي من الطرفين؟ بلغت نسبة النساء اللواتي لا يزلن في مرحلة العزوبة 40.7 بالمائة، في حين بلغت نسبة الذكور في نفس الفئة العمرية 28.3 بالمائة، حسب وثيقة إحصاءات 2023 . المرصد الوطني للتنمية البشرية باعتباره مؤسسة حكومية مغربية فضلا عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في وثيقة خاصة بالعزوف عن الزواج  كشفت أنه على الرغم من أن الشباب المغاربة يهتمون بفكرة تكوين أسرة، إلا أنه على مستوى الأرقام تم رصد عزوفهم عن الزواج، إذ انتقلت النسبة من 42 في المائة  إلى 70 في المائة  قبل سنوات كوفيد.

العامل العمري: تأخر سن الزواج

   تأخر سن الزواج أصبح ظاهرة بارزة في السنوات الأخيرة تقض مضجع فئة واسعة من الشباب، لا سيما الإناث.. فالواجب ينبغي “الاهتمام بالمقاربة الاجتماعية”، وإشاعة القيمة التي اضمحلت وتكاد تنقرض ألا وهي التكافل الأسري والعائلي.

الأرقام الصادرة عن مؤسسات رسمية مغربية أشارت إلى ارتفاع نسب العنوسة في صفوف النساء وهو ما قلص من نسبة الخصوبة بشكل ملحوظ. ولعل ارتفاع نسبة العنوسة قدّ إلى التحرر الواضخ في صفوف النساء من وصاية الرجال فضلا عن ارتفاع تكاليف الزواج وزيادة معدلات البطالة وتقدّ سجل ارتفاع نسبي معدلات العنوسة لدى النساء بالمناطق الحضرية بينما توسط المعدل في المناطق القروية.

العامل الاجتماعي: اشتغال النساء و إعالة عائلتهن

   العنوسة عندما تتفشى بشكل بارز  تتسبب في انخفاض الخصوبة فأكثر من 60 في المائة من المغربيات ما بين 21 و25 سنة هن غير متزوجات، وما يزيد من 28 في المائة من المغربيات ما بين 30 و34 سنة هن في درجة العانسات.. بل أدت هذه الأسباب إلى ارتفاع معدل النساء العازبات اللواتي يفضلن إعالة عائلاتهن بدل اختيار الزواج حيث تصرح نسبة كبيرة من النساء العاملات أنهن لا يرفضن الزواج إطلاقا ولكن الفاقة التي تعيشها أسرهن تلزمهن بالاكتفاء حمل مسؤولية النفقة على العائلة، ولو أن المجتمع لا يرحم المرأة العازبة كلما تصاعد عمرها وقد تشعر بالإهانة عندما تنعت بالمرأة “البايرة” أي العانس.

     حينما نبحث عن معطيات مدققة نجد أن ظاهرة العزوف عن الزواج لم تتوقف عند المرأة الغير متعلمة بل تشمل الظاهرة  المتعلمات والموظفات والعاملات في مؤسسات القطاع الخاص أيضا وفي الإدارات العمومية، وأشارت احصائيات إلى أن نسبة حوالي 38 من الموظفات هن غير متزوجات ولكل واحدة سبب يختلف عن الأخرى.

   هذه عوامل تراكمت مع التغييرات التي طرأت في المجتمعات والتي أفقدت الثقة السليمة بين الشبان والفتيات خصوصا بعد أن أصبحت القضايا السرية للمتزوجين معممة على وسائل التواصل الاجتماعي والتي يعبترها كل مقبل على الزواج بمثابة دق ناقوس للخطر في هذا الاتجاه. ..يتبع

عن editor

شاهد أيضاً

صناعة الخشب عبر التاريخ

 إغراق سوق الخشب بالمغرب ووزارة التجارة تجري التحقيقات مساحة الغطاء الغابوي الطبيعي بالمغرب إلى 8.969.800 …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *